العباس بن تيمية، ونقلته بتمامه في آخر البحث]، وقد دل حديث عثمان ومرسل عمر بن عبد العزيز على صحة أصل الإذن في عدم شهود الجمعة لمن شهد العيد.
وعلى هذا فإن قول القائل بأن حديث إياس بن أبي رملة يعارض أصلًا في الشريعة، وهو وجوب الجمعة على عموم المكلفين سوى ما استثناه الشرع [كما في حديث طارق بن شهاب وغيره، المتقدم برقم (١٠٦٧)]، وهم: المرأة والصبي والعبد والمريض والمسافر وأصحاب الأعذار، هذا القول بالمعارضة قول غير صحيح، مجانب للصواب؛ لأنا لم نستثن الإذن بعدم شهود الجمعة لمن شهد العيد بهذا الحديث وحده، بل بما ثبت في الباب من حديث ابن عباس في تصويب فعل ابن الزبير، وأنه قد أصاب السُّنَّة، وقول ابن الزبير بأن عمر بن الخطاب قد فعل ذلك، وكذلك ما صح عن عثمان فيما أخرجه الشيخان من الإذن لأهل العالية، فكل ذلك أدلة ثابتة تشهد لصحة حديث إياس، والله أعلم.
وقد اضطررت لذكر ذلك قبل محله لإثبات كون حديث إياس موافق للأصول، لا مخالف لها، وله ما يشهد لصحته، مما ثبت بنفسه، وهو ما سيأتي بيانه.
***
١٠٧١ - قال أبو داود: حدثنا محمد بن طَريف البجلي: حدثنا أسباط، عن الأعمش، عن عطاء بن أبي رباح، قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيدٍ في يوم جمعةٍ أوَّل النهار، ثم رُحنا إلى الجمعة، فلم يخرج إلينا، فصلينا وُحدانًا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له، فقال: أصاب السُّنَة.
• حديث شاذ
أخرجه من طريق أبي داود: الضياء في المختارة (١١/ ١٧٨/١٩١).
قال الدارقطني في الأفراد (١/ ٦٠٥/ ٣٥٤١ - أطرا فه) و (١/ ٦٠٦/ ٣٥٤٤ - أطرافه): "تفرد به أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن عطاء".
وقال النووي في المجموع (٤/ ٤١٣): "رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح على شرط مسلم".
قلت: رجاله ثقات رجال مسلم؛ وقد تفرد به عن الأعمش: أسباط بن محمد، وهو: كوفي ثقة، روى له الجماعة، وهو مكثر عن الأعمش، إلا أنه قد يخالف أصحابه، أو ينفرد عنهم بما لا يتابع عليه، وكلام الدارقطني يدل على أن محمد بن طريف البجلي قد توبع عليه، ولم ينفرد به، وهو: ثقة، من رجال مسلم.
وعليه: فهو غريب من حديث الأعمش؛ والذي يغلب على ظني أنه مدلَّس، وأن الأعمش لم يسمعه من عطاء بن أبي رباح؛ فإني لم أقف له على سماع صحيح من عطاء، وهو لم يصرح هنا بسماعه من عطاء، والأعمش كثيرًا ما يدخل بينه وبين عطاء رجلًا، فمرة