للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العيد، كما سيأتي بيانه في الشواهد بعد حديث أبي هريرة الآتي برقم (١٠٧٣)، والسُّنَّة عند الإطلاق يراد بها سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا سُنَّة الخلفاء الراشدين، وعليه: فإن مراد ابن عباس إنما ينحصر في الرخصة لمن شهد العيد ألا يشهد الجمعة حسب، لا أن الإمام يترك إقامة الجمعة، كما فعل ابن الزبير، إذ هو خلاف السُّنَّة، كما سبق تقريره في حديث زيد بن أرقم، وسيأتي بيانه في حديث النعمان بن بشير، والقول بتعدد الوقائع هنا بعيد لندرة وقوع ذلك.

وعلى هذا فقد صح الحديث مرفوعًا من حديث ابن عباس، وموقوفًا على عمر بن الخطاب أنه صنع ذلك، لكنه محمول على الترخيص في ترك شهود الجمعة لمن شهد صلاة العيد، لا في ترك التجميع بالناس، وأما فعل ابن الزبير في ترك التجميع بالناس، فهو خلاف السُّنَّة التي ثبتت بحديث النعمان بن بشير، في كون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجِّمع بالناس في يوم العيد، ولفعل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، وقد أولته بهذا التأويل؛ لأن هذا هو الظن بعمر، ألا يفارق سُنَّة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، والدليل على أن ابن الزبير أراد بقوله: رأيتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا؛ يعني في الترخيص في ترك شهود الجمعة لمن شهد صلاة العيد؛ أن ابن الزبير نسب له خلاف الثابت من فعله بتقديم الخطبة على الصلاة، وإنما الثابت عن عمر عكسه، فكذلك نسب له القول بترك التجميع للإمام، ويمكن أن يقال بأن ابن الزبير فهم من عموم الرخصة للمأموم في ترك شهود الجمعة، ترك التجميع للإمام كذلك، حتى يكون أبلغ لهم في بيان الرخصة، فأنزل الإمام منزلة المأموم، فيكون هذا فهمًا خاصًا به، خالف فيه السُّنَّة الثابتة في حديث النعمان، وفعل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، الآتي ذكره في الشواهد، والله أعلم.

• خالف عبد الحميد بن جعفر:

هشام بن عروة، فرواه عن وهب بن كيسان، قال: اجتمع عيدان في يومٍ، فخرج عبد الله بن الزبير فصلى العيد بعدما ارتفع النهار، ثم دخل فلم يخرج حتى صلى العصر، قال هشام: فذكرت ذلك لنافع، أو ذُكر له، فقال: ذُكر ذلك لابن عمر، فلم ينكره.

أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٧/ ٥٨٤١)، عن أبي أسامة [حماد بن أسامة: كوفي، ثقة ثبت]، عن هشام به.

قلت: هذه الرواية وهمٌ؛ وقد شك فيه هشام مما يدل على أنه لم يضبطه، لا سيما وهو مما حدث به بالعراق، والمعروف في ذلك أن الذي سئل عن فعل ابن الزبير هو ابن عباس، كما في رواية عطاء بن أبي رباح، وعبد الحميد عن وهب بن كيسان، ورواية أبي الزبير الآتية، والله أعلم.

• فقد وجدت له طريقًا ثالثة: فقد رواه ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير في جمع ابن الزبير بينهما يوم جمع بينهما، قال: سمعنا ذلك أن ابن عباس قال: أصاب؛ عيدان اجتمعا في يوم واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>