ولفظ سليم بن أخضر [عند ابن خزيمة]، وبنحوه رواه أبو خالد الأحمر [عند ابن أبي شيبة]: شهدت ابن الزبير بمكة وهو أمير، فوافق يومُ فطر، أو أضحى، يومَ الجمعة، فأخَّر الخروج حتى ارتفع النهار، فخرج وصعد المنبر، فخطب وأطال، ثم صلى ركعتين، ولم يصل الجمعة، فعاب عليه ناس من بني أمية ابن عبد شمس، فبلغ ذلك ابنَ عباس، فقال: أصاب ابنُ الزبير السُّنَّة، وبلغ ابنَ الزبير، فقال: رأيتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا.
أخرجه النسائي في المجتبى (٣/ ١٩٤/ ١٥٩٢)، وفي الكبرى (٢/ ٣١١/ ١٨٠٧)، وابن خزيمة (٢/ ٣٥٩/ ١٤٦٥)، والحاكم (١/ ٢٩٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ٧/ ٥٨٣٦)، والفاكهي في أخبار مكة (٣/ ٩٢/ ١٨٤٥)، وابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٨٨/ ٢١٨١)، وابن حزم في الأحكام (٢/ ٢٠٣).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال مسلم.
• خالفهم: عبد الله بن حمران [بصري، صدوق]، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: أخبرني أبي، عن وهب بن كيسان، قال: اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فصلى العيد، ولم يخرج إلى الجمعة، قال: فذكرت ذلك لابن عباس، فقال: ما أماط عن سُنَّة نبيه، فذكرت ذلك لابن الزبير، فقال: هكذا صنع بنا عمر.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٢٧٤).
قال ابن عبد البر: "هذا حديث اضطرب في إسناده".
قلت: الصواب رواية جماعة الثقات، وفيهم اثنان من الثقات الحفاظ الضابطين: يحيى بن سعيد القطان، وسليم بن أخضر، ورواية ابن حمران هذه وهمٌ بزيادة رجل في الإسناد، وقد سمعه عبد الحميد بن جعفر من وهب بن كيسان بلا واسطة، والله أعلم.
وقد صحح رواية الجماعة: ابن خزيمة والحاكم، واحتج بها النسائي، وترجم لها بقوله: "الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد".
وأما ابن حزم فقد شذَّ فضعفه بعبد الحميد بن جعفر، وزعم بأنه ليس بالقوي، فلم يصب [المحلى (٥/ ٨٩)]؛ إنما هو صدوق، وثقه جماعة من الأئمة مثل: أحمد وابن معين وغيرهما [انظر: التهذيب (٢/ ٤٧٣) وغيره].
• قال ابن خزيمة: "قول ابن عباس: أصاب ابن الزبير السُّنَّة، يحتمل أن يكون أراد سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجائز أن يكون أراد سُنة أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي، ولا إخال أنه أراد به: أصاب السُّنَّة في تقديمه الخطبة قبل صلاة العيد؛ لأن هذا الفعل خلاف سُنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، وإنما أراد تركه أن يجمِّع بهم بعدما قد صلى بهم صلاة العيد فقط، دون تقديم الخطبة قبل صلاة العيد".
قلت: الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن عمر بن الخطاب تقديم الصلاة على الخطبة في