للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الطحاوي في المشكل (٣/ ١٨٧): " ... أن المرادِين بالرخصة في ترك الجمعة في هذين الحديثين هم أهل العوالي الذين منازلهم خارجة عن المدينة، ممن ليست الجمعة عليهم واجبة؛ لأنهم في غير مصر من الأمصار، والجمعة فإنما تجب على أهل الأمصار، ... ".

سبق بيان وجه الخطأ في هذا القول في أثناء البحث، وأن أهل العوالي ممن تجب عليهم الجمعة على الصحيح، كما أن الرخصة لا تخصهم وحدهم.

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٨٩): "الجمعة فرض، والعيد تطوع، والتطوع لا يسقط الفرض".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ٢٧١):" وأما القول الأول: إن الجمعة تسقط بالعيد، ولا تصلى ظهرًا ولا جمعة؛ فقولٌ بيِّنُ الفساد، وظاهرُ الخطأ، متروك مهجور، لا يعرَّج عليه؛ لأن الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}، ولم يخص يوم عيد من غيره، وأما الآثار المرفوعة في ذلك فليس فيها بيان سقوط الجمعة والظهر، ولكن فيها الرخصة في التخلف عن شهود الجمعة، وهذا محمول عند أهل العلم على وجهين:

أحدهما: أن تسقط الجمعة عن أهل المصر وغيرهم، ويصلون ظهرًا، والآخر: أن الرخصة إنما وردت في ذلك لأهل البادية ومن لا تجب عليه الجمعة".

قلت: نعم؛ من قال بسقوط الجمعة والظهر معًا عمن شهد العيد فقوله بين الفساد، والصحيح هو الوجه الأول.

وقال أيضًا (١٠/ ٢٧٤): "وفي ذلك دليل على أن فرض الجمعة والظهر لازم، وأنها غير ساقطة، وأن الرخصة إنما أريد بها من لم تجب عليه الجمعة ممن شهد العيد من أهل البوادي، والله أعلم، وهذا تأويل تعضده الأصول، وتقوم عليه الدلائل، ومن خالفه فلا دليل معه، ولا حجة له".

قد بينت الحجة والدليل على ذلك.

وقال أيضًا (١٠/ ٢٧٧): "وإذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا؛ لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه؛ لأن الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، ولم يخص الله ورسوله يومَ عيدٍ من غيره من وجه تجب حجته، فكيف بمن ذهب إلى سقوط الجمعة والظهر المجتمع عليهما في الكتاب والسُّنَّة والإجماع؛ بأحاديث ليس منها حديث إلا وفيه مطعن لأهل العلم بالحديث، ولم يخرج البخاري ولا مسلم بن الحجاج منها حديثًا واحدًا، وحسبك بذلك ضعفًا لها".

قلت: عدم تخريج البخاري ومسلم للحديث ليس دليلًا على ضعفه بإطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>