للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في العلل: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث صحيح، وكان ابن عيينة يروي هذا الحديث عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر فيضطرب في روايته، قال مرة: حبيب بن سالم عن أبيه عن النعمان بن بشير، وهو وهمٌ، والصحيح: حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير".

• وقد تُكُلِّم في حبيب بن سالم بما لا يقدح، والعمل على توثيقه، وأعل بعضهم حديثه هذا [أعني: العقيلي، وأخطأ في ذلك]، والعمل على تصحيحه، فهو حديث صحيح محفوظ، صححه: البخاري، ومسلم، وأبو عوانة، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، والبغوي، والقول قولهم، وسيأتي لذلك مزيد بيان عند ذكر طرق حديث النعمان، في موضعه من السُّنن برقم (١١٢٢)، إن شاء الله تعالى.

• ترجم له ابن خزيمة بقوله: "باب اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد، وصلاة الإمام بالناس العيد ثم الجمعة، وإباحة القراءة فيهما جميعًا بسورتين بأعيانهما".

وبوب له النسائي: "اجتماع العيدين وشهودهما".

فيقال: لا تعارض بين حديث النعمان هذا وأحاديث الباب القاضية بجواز التخلف عن شهود الجمعة لمن شهد العيد، وذلك لأن حديث النعمان دل على فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بإقامة الصلاتين للناس، وأما حديث زيد بن أرقم، وحديث ابن عباس، ومرسل أبي صالح، ومرسل عمر بن عبد العزيز، وفعل عمر وعثمان، فقد دلت على إباحة التخلف للمأموم عن صلاة الجمعة إذا شهد العيد، فيصليها ظهرًا، كما فعل ابن الزبير، وقد ذهب ابن الزبير وهو إمام إلى الاكتفاء بصلاة العيد، ولم يصلِّ الجمعة، بل صلاها ظهرًا، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الحجة في هذا الباب، فقد صلى الصلاتين جميعًا، وتبعه على ذلك الخليفة الراشد عثمان، والله أعلم.

• ومن فقه هذا الباب:

قال عبد الله بن أحمد: "سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم؛ يترك أحدهما؟ قال: لا بأس به، أرجو أن يجزئه لما [مسائل عبد الله (٤٨٢)].

وفي طبقات الحنابلة (١/ ٢١٥) نقلًا عن الميموني: "قلت لأحمد: اجتمع عيدان في يوم، أيكفي أحدهما من الآخر؟ قال: أما الإمام فيجمعهما جميعًا، ومن شاء ذهب في الآخر، ومن شاء قعد".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٩١) (٤/ ٣٣٤ - ط. دار الفلاح): "أجمع أهل العلم على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن فرائض الصلوات خمس، وصلاة العيدين ليس من الخمس، وإذا دل الكتاب والسُّنَّة والاتفاق على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن صلاة العيد تطوع، لم يجز ترك فرض بتطوع".

قلت: من صلى الظهر بدل الجمعة لم يترك فرضًا بتطوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>