رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جذع ويخطب إليه؛ إذ كان المسجد عريشًا، فقال له رجل من أصحابه: ألا نجعل لك عريشًا تقوم عليه يراك الناس يوم الجمعة، وتسمع من خطبتك؟ قال:"نعم"، فصنع له الثلاث درجات، هن اللواتي على المنبر [أعلى المنبر]، فلما صنع المنبر ووضع في موضعه الذي وضعه فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد المنبر مر عليه، فلما جاوزه، خار الجذع حتى تصدَّع وانشقَّ، فرجع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسحه بيده حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر، قال: فكان إذا صلى صلى إليه، فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبيُّ بن كعب فلم يزل عنده حتى بلي، فأكلته الأرضة وعاد رفاتًا.
أخرجه الدارمي (٣٦)، وابن ماجه (١٤١٤)، وأحمد (٥/ ١٣٧)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (٥/ ١٣٨)، والشافعي في الأم (١/ ١٩٩)، وفي المسند (٦٥)، وابن سعد في الطبقات (١/ ٢٥١ - ٢٥٢)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (٢/ ٩٨٧/ ٤٢٤٥ - السفر الثاني)، والطحاوي في شرح المشكل (١٠/ ٣٧٦/ ٤١٧٦)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (٣/ ٣٣٥/ ١٤٤٥) و (٣/ ٣٣٦/ ١٤٤٦)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٤/ ٨٠٠/ ١٤٧٤ و ١٤٧٥)، وأبو نعيم في الدلائل (٣٠٦)، والبيهقي في الدلائل (٦/ ٦٧)، وفي المعرفة (٢/ ٤٨١/ ١٧٥٢)، وأبو يعلى الفراء في ستة مجالس من أماليه (٣٢)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤/ ٣٩١ و ٣٩٢)، والضياء في المختارة (٣/ ٣٩٣/ ١١٩٢).
وهذا حديث حسن؛ وعبد الله بن محمد بن عقيل: سبق الكلام عليه مرارًا [انظر مثلًا: الأحاديث المتقدمة برقم (٦١ و ١٢٦ و ٢٨٧ و ٦٣٠)]، وأن حديثه إنما يُقبل أو يُرد بحسب القرائن، وهو حسن الحديث إذا لم يخالف، وابن عقيل إنما أُتي من سوء حفظه واضطرابه في الأسانيد، وهذا الحديث لم يختلف عليه لا في إسناده، ولا في متنه، وهو هنا يحكي واقعة قد ثبتت من وجوه متعددة.
• تنبيهان: الأول: روى هذا الحديث بهذا اللفظ عن عبيد الله بن عمرو الرقي: زكريا بن عدي بن الصلت [ثقة حافظ]، وإسماعيل بن عبد الله بن خالد الرقي [ثقة]، وعلي بن معبد بن شداد الرقي [ثقة]، وعبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي [ثقة].
ووقع في زيادات المسند لعبد الله بن أحمد (٥/ ١٣٨ - ١٣٩)(٩/ ٤٩٥١/ ٢١٦٥١ - ط. المكنز)، وعند أبي نعيم في الدلائل (٣٠٦)، وأبي يعلى الفراء، وابن عساكر (٤/ ٣٩١)، زيادة تفرد بها: أبو سعيد عيسى بن سالم الشاشي [يلقب عويس، روى عنه أبو زرعة، وقال ابن معين:"لا أخبره"، ووثقه الخطيب، وذكره ابن حبان في الثقات. سؤالات ابن الجنيد (٢٩٨)، الجرح والتعديل (٦/ ٢٧٨)، الثقات (٨/ ٤٩٤)، تاريخ بغداد (١٢/ ٤٨٤)، تاريخ الإسلام (١٧/ ٢٩٢)، التعجيل (٨٣٨)، الثقات لابن قطلوبغا (٧/ ٤٤٩)]، حيث قال في آخره: فصغى الجذع إليه، فقال له:"اسكن"، ثم قال لأصحابه:"هذا الجذع حنَّ إلي"، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اسكن، إن تشأ غرستك في الجنة، فيأكل منك