الصالحون، وإن تشأ أعيدك كما كنت رطبًا"، فاختار الآخرة على الدنيا.
قلت: هي زيادة منكرة، والمعروف رواية جماعة الثقات عن عبيد الله الرقي.
• والثاني: قوله في هذا الحديث: خار الجذع حتى تصدَّع وانشقَّ، يفسره قوله: فمسحه بيده حتى سكن؛ يعني: أنه صدر منه صوت عالٍ مسموع، وقد شبهه كل صحابي بما حضره من المعاني، فقد وصفه جابر بحنين الناقة الخلوج، ووصفه مرة بصياح الصبي، ووصفه ابن عمر وابن عباس وأنس بالحنين.
٢ - حديث أبي سعيد:
يرويه أبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة [ثقة متقن]:
عن مجالد بن سعيد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب إلى لزق جذع، فأتاه رجل رومي، فقال: أصنع لك منبرًا تخطب عليه، فصنع له منبرًا هذا الذي ترون، قال: فلما قام عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، حن الجذع حنين الناقة إلى ولدها، فنزل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فضمه إليه فسكن، فأمر به أن يحفر له ويُدفن.
أخرجه الدارمي (٣٧)، وابن أبي شيبة (٦/ ٣١٩/ ٣١٧٤٩)، وأبو يعلى (٢/ ٣٢٨/ ١٠٦٧)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (٣/ ١٧/ ٤٧٢)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٤/ ٨٠١/ ١٤٧٦)، وأبو نعيم في الدلائل (٣٠٨)، وإسماعيل الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (٢/ ١٨٣/ ١٢٦).
قال الطوسي: "وهذا حديث حسن".
قلت: هذا إسناد ضعيف؛ أبو الوداك جبر بن نوف: صالح، ومجالد بن سعيد: ليس بالقوي، والأكثر على تضعيفه، وقال عبد الرحمن بن مهدى: "حديث مجالد عند الأحداث؛ يحيى بن سعيد وأبي أسامة: ليس بشيء، ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم وهؤلاء القدماء"، قال ابن أبي حاتم: "يعني: أنه تغير حفظه في آخر عمره" [الجرح والتعديل (٨/ ٣٦١)، التهذيب (٤/ ٢٤)].
والزيادة التي في آخره: فأمر به أن يحفر له ويُدفن: زيادة منكرة.
٣ - حديث ابن عباس:
يرويه حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر، فلما اتخذ المنبر وتحوَّل إليه، حنَّ الجذع فاحتضنه، فسكن، وقال: "لو لم أحتضنه لحنَّ إلى يوم القيامة".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ٢٦)، والدارمي (٣٩) و (١/ ٤٤٢/ ١٥٦٣)، وابن ماجه (١٤١٥)، وأحمد (١/ ٢٤٩ و ٢٦٦ و ٢٦٧ و ٣٦٣)، وابن سعد في الطبقات (١/ ٢٥٢)، وعبد بن حميد (١٣٣٦)، والبزار (١٣/ ٣٥٥/ ٦٩٩٤)، والطحاوي في شرح المشكل (١٠/ ٣٧٧/ ٤١٧٧)، والطبراني في الكبير (١٢/ ١٨٧/ ١٢٨٤١)، واللالكائي في