قرابة سبعين سنة، ورواية يحيى بن آدم أكدت ذلك، وأن مسلما لم يسمعه من الزبير، وإنما سمعه من شخص مبهم، لا ندري من هو؟.
٤ - حديث أنس بن مالك:
الذي يرويه أبو خلدة خالد بن دينار، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: كان الني - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة؛ يعني: الجمعة.
هكذا رواه حرمي بن عمارة، وفي رواية له قال: حدثني أبو خلدة، قال: سمعت أنس بن مالك؛ وناداه يزيد الضبي يوم الجمعة في زمن الحجاج، فقال: يا أبا حمزة! قد شهدت الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهدت الصلاة معنا، فكيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي؟ قال: ... فذكره. ولم يقل في آخره؛ يعني: الجمعة.
ورواه بشر بن ثابت: ثنا أبو خلدة خالد بن دينار، عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان الشتاء بكر بالظهر، وإذا كان الصيف أخرها، وكان يصلي العصر والشمس بيضاء نقية.
ورواه خالد بن الحارث: ثنا أبو خلدة: أن الحكم بن أيوب أخر الجمعة يومًا، فتكلم يزيد الضبي، قال: دخلنا الدار وأنس معه على السرير، فقال له يزيد: يا أبا حمزة! قد صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضرت صلاتنا، فأين صلاتنا من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: إذا كان الحر برد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بالصلاة.
ورواه سهل بن حماد، عن أبي خلدة، قال: بينا الحكم بن أيوب يخطب في البصرة؛ إذ قام يزيد الضبي فناداه، فقال: أيها الأمير، إنك لا تملك الشمس، فقال: خذاه، فأُخذ، فلما قضى الصلاة أُدخل عليه، ودخل الناس، وثم أنس بن مالك، فأقبل على أنس فقال: كيف كنتم تصلون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبرد بالصلا في الحر، ويبكر بها في الشتاء.
أخرجه البخاري (٩٠٦)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (٤٠٣).
قال ابن رجب في الفتح (٥/ ٤٢٤): "وقضية يزيد الضبي مع الحكم بن أيوب في إنكاره عليه تأخير الجمعة وهو يخطب معروفة، وكان أنس بن مالك حاضرًا، ... ، فسئل أنس في ذلك الوقت عن وقت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر أنه كان يعجل في البرد، ويبرد في الحر، ومراده - والله أعلم - صلاة الظهر، وهذا هو الذي أمكن أنسًا أن يقوله في ذلك الوقت، ولم يمكنه من الزيادة على ذلك، وأكثر العلماء على أن الجمعة لا يبرد بها بعد الزوال، بل تعجل في أول الوقت، ... ".
وبهذا يتبين أن المراد من كلام أنس في وصف حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإبراد والتعجيل إنما هو في صلاة الظهر لا الجمعة، والله أعلم.