قالوا: حدثنا [عبد الله] بن نمير: حدثنا العلاء بن صالح، عن عدي بن ثابت: حدثنا أبو راشد، قال: خطبنا عمار، فتجوَّز في خطبته، فقال له رجل من قريش: لقد قلت قولًا شفاءً، فلو أنك أطلتَ، فقال:"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن نطيل الخطبة".
أخرجه أحمد (٤/ ٣٢٠)، وابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٤٥٠/ ٥٢٠١)، وفي المسند (٤٣٤)، وأبو يعلى (٣/ ١٩٣/ ١٦٢١).
* ورواه أبو أحمد الزبيري [ثقة ثبت]، قال: نا العلاء بن صالح، عن عدي بن ثابت، عن أبي راشد، عن عمار؛ أنه تكلم فأوجز، فقيل له: قد قلت قولًا، فلو أنك زدتنا، قال:"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بإقصار الخطب".
أخرجه البزار (٤/ ٢٥٧/ ١٤٣٠)، وأبو يعلى (٣/ ١٩٢/ ١٦١٨).
قال البزار:"ولا نعلم روى أبو راشد عن عمار إلا هذا الحديث".
قلت: رجال هذا الإسناد كلهم ثقات، عدا العلاء بن صالح الكوفي، فإنه: لا بأس به، وقال ابن المديني:"روى أحاديث مناكير" [التهذيب (٣/ ٣٤٤)، الميزان (٣/ ١٠١)]، وحديثه هذا معروف، ليس فيه ما يُنكر.
وأبو راشد: لم يُسمَّ، ولم يُنسب، قال البخاري في الكنى (٢٩): "أبو راشد: سمع عمارًا، روى عنه عدي بن ثابت"، وكذا ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٩/ ٣٧٠)، وابن حبان في الثقات (٥/ ٥٧٨)[وزاد عليًا مع عمار]، وقال الذهبي في الميزان (٤/ ٥٢٣): "لا يُعرف، وعنه عدي بن ثابت"، ويحتمل أن يكون هو الذي ترجم له العجلي في ثقاته (١٩٤٥)، فقال:"كوفي تابعي، ثقة"، والراوي عنه: تابعي ثقة مشهور، وهذا مما يرفع من حاله، لا سيما وقد روى ما توبع عليه، ولم يأت في روايته بما ينكر، وعلى هذا فإن جهالته لا تمنع من تصحيح حديثه طالما أنه قد حفظ وضبط، وقد سبق الكلام مرارًا عن حديث المجهول، وأن حديثه إذا كان مستقيمًا فإنه يكون مقبولًا صحيحًا، وأقرب موضع تكلمت فيه عن ذلك عند الحديث رقم (١١٠٠).
* وقد ذكر الدارقطني في العلل (٥/ ٢٢٤/ ٨٣٥)، أن العلاء بن صالح قد خولف فيه: خالفه مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، فرواه عن عدي بن ثابت عن عمار مرسلًا.
قلت: لا أُراه يثبت من حديث مسعر لأمور:
الأول: اشتهار الحديث عن العلاء بن صالح، وقد رواه من طريقه أصحاب المصنفات والمسانيد والسنن.
الثاني: عدم اشتهار حديث مسعر، مع كونه أثبت بكثير من العلاء بن صالح، وحديثه مشهور متداول بين أصحابه، فكيف يُعرض عنه هؤلاء الأئمة الذين أخرجوا حديث العلاء، لا سيما ابن أبي شيبة في مصنفه فإنه يحرص على إيراد ما ورد في الباب متصلًا كان أم مرسلًا، كما أن البزار حريص على الإشارة إلى الخلاف الوارد في السند، فلما لم يُشِر إليه دل على عدم وقوفه على طريق مسعر، وعدم اشتهاره.