للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استكان، ثم قال: يا رسول الله! ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال: "فأنت مع من أحببت".

أخرجه من طرق عن أنس: البخاري (٣٦٨٨ و ٦١٦٧ و ٦١٧١ و ٧١٥٣)، ومسلم (٢٦٣٩)، وانظر: بقية المصادر في الموضع المشار إليه.

* فإن قيل: إن تكلم الخطيب بكلام محرم؛ كبدعة، أو كسبِّ السلف، فهل يجب الإنصات إليه؟

فالجواب: لا يجب، وهو فعل أكثر السلف، منهم: الشعبي، وسعيد بن جبير، وأبو بردة، وعطاء، والنخعي، والزهري، وعروة، والليث بن سعد؛ فإن الله تعالى يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: ٦٨]، وما كان محرمًا حرُم استماعه والإنصات إليه، ووجب التشاغل عنه، قاله ابن رجب في الفتح (٥/ ٥٠٣).

* فإن قيل: فهل دل الحديث على أنه لا جمعة له؟

فالجواب: لم يصح ذلك في شيء من المرفوع، وما روي من فتوى الصحابة في ذلك فمحمول على ما جاء في فضل الجمعة من التكفير ونحوه.

قال ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٣٨٩): "ومن ذلك قول بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعضهم: لا جمعة لك؛ لأنه تكلم والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فأُخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صدق"، ولم يأمره بأن يصلي الظهر، وقد اتفق أهل العلم أن صلاته جائزة، وليس عليه أن يصلي الظهر".

وقال البيهقي في الشعب (٣/ ١٠١): "يشبه أن يكون في قوله: لا جمعة لك، أي: لا أجر لك، ولا يريد به وجوب الإعادة"، وقال نحوه في المعرفة (٣/ ٤١٣).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٣٦): "وقول من قال: لا جمعة له؛ فهذا محمله عندنا على أنه ليس له ثواب من صلى الجمعة وأنصت، لا أنه أفسد الكلامُ صلاتَه وأبطلها؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمها التكبير" يدل على أن ما قبل التكبير لا يفسدها، والله أعلم"، ثم قال (١٩/ ٣٧) عن حديث ابن عمرو: "ففي هذا الحديث قوله: "فرجلٌ حضرها يلغو، فهو حظه منها" ولم يأمره بالإعادة"، وقال في الاستذكار (٢/ ٢٢): "وعلى هذا جماعة الفقهاء؛ لأن الصلاة وإن كانت قصرت للخطبة كما زعم بعض الفقهاء، فإنها لا يفسدها ما كان قبل الإحرام منها، فقد يدرك المصلي من الجمعة ركعة وتفوته الخطبة فتجزيه صلاة ركعتين".

وقال ابن رجب في الفتح (٥/ ٥٠١): "وقد روي في أحاديث متعددة مرسلة، وبعضها متصلة الأسانيد وفيها ضعف، أن من لغا لا جمعة له، وأن ذلك حظه منها، والمراد: أنه يفوته ثواب الجمعة، وبذلك فسره عطاء وابن وهب صاحب مالك"، ونقل ما روي عن الحسن والزهري والثوري وإسحاق، ثم قال: "ولا يصح عن أحد خلاف ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>