إبراهيم بن معمر الهذلي أبو معمر القطيعي [ثقة مأمون]، وداود بن رُشيد [ثقة]، وأبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي [ضعيف].
وفي رواية داود بن رشيد [عند ابن ماجه وأبي يعلى]: "أصليتَ [ركعتين] قبل أن تجيء؟ "، وتابعه على هذه اللفظة: أبو معمر القطيعي [عند أبي نعيم]، وقد روي من طريقهما أيضًا بدونها [عند أبي داود وابن حبان والطبراني].
قال ابن القيم في الزاد (١/ ٤٣٤): "قال أبو البركات ابن تيمية: وقوله: "قبل أن تجيء" يدل عن أن هاتين الركعتين سنة الجمعة، وليستا تحية المسجد، قال شيخنا حفيده أبو العباس: وهذا غلط، والحديث المعروف في الصحيحين عن جابر قال: دخل رجل يوم الجمعة ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، فقال: "أصليت؟ "، قال: لا، قال: "فصل ركعتين"، وقال: "إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وأفراد ابن ماجه في الغالب غير صحيحة، هذا معنى كلامه.
وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزي: هذا تصحيف من الرواة، إنما هو: "أصليت قبل أن تجلس؟ "، فغلط فيه الناسخ، وقال: وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به، بخلاف صحيحي البخاري ومسلم، فإن الحفاظ تداولوهما، واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قال: ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف.
قلت: ويدل على صحة هذا أن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها، وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها، لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها، وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد والإمام على المنبر، واحتجوا به على من منع من فعلها في هذه الحال، فلو كانت هي سنة الجمعة لكان ذكرها هناك والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد، ويدل عليه أيضًا: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد، ولو كانت سنة الجمعة لأمر بها القاعدين أيضًا، ولم يخص بها الداخل وحده" [وانظر: طرح التثريب (٣/ ٣٦)].
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤١٠): "ويحتمل أن يكون معنى: "قبل أن تجيء"؛ أي: إلى الموضع الذي أنت به الآن، وفائدة الاستفهام: احتمال أن يكون صلاها في مؤخر المسجد، ثم تقدم ليقرُب من سماع الخطبة، كما تقدم في قصة الذي تخطَّى، ويؤكده أن في رواية لمسلم: "أصليت الركعتين؟ " بالألف واللام، وهو للعهد، ولا عهد هناك أقرب من تحية المسجد، وأما سنة الجمعة التي قبلها فلم يثبت فيها شيء".
° قلت: هذه اللفظة ثابتة في سنن ابن ماجه [كما في النسخ التي وقفت عليها من السنن]، وقد روى الحديث بها أبو يعلى من طريق داود بن رشيد، وأبو نعيم في المعرفة من طريق أبي معمر، لكنها لفظة شاذة، حيث رويت أيضًا من طريق داود بن رُشيد وأبي معمر القطيعي بدونها، ورواه بدونها: محمد بن محبوب وأبو هشام الرفاعي.
وقد رواه جماعة من الحفاظ عن حفص بن غياث بدونها أيضًا، ولم يأت بها أحد