ذلك في الجمعة الثالثة، فأمره بمثل ذلك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للناس: "تصدقوا"، فألقوا الثياب، فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأخذ ثوبين، فلما كان بعد ذلك أمر الناس أن يتصدقوا، فألقى الرجل أحد ثوبيه، فغضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أمره أن يأخذ ثوبه.
أخرجه الطحاوي (١/ ٣٦٦).
قال ابن حبان: "قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خذ ثوبك"، لفظة أمر بأخذ الثوب مرادها الزجر عن ضده وهو بذل الثوب، وفي هذا دليل على أن المرء إذا أخرج شيئًا للصدقة فما لم يقع في يد المتصدَّق به عليه له أن يرجع فيه، وفيه دليل على أن المرء غير مستحب له أن يتصدق بماله كله؛ إلا عند الفضل عن نفسه وعمن يقوته".
° قال الترمذي: "حديث أبي سعيد الخدري: حديث حسن صحيح".
وصححه الأثرم في الناسخ والمنسوخ (٤٨).
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".
قلت: وهو كما قال، انظر: صحيح مسلم (٩٨٥/ ٢١).
وقد صححه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان، واحتج به أبو داود والنسائي، وصححه ابن حجر في النكت (١/ ٣٥٥).
• وروي مختصرًا من وجه آخر:
رواه ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الجمعة، فدخل أعرابي ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر، فجلس الأعرابي في آخر الناس، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، قال: فأمره، فأتى الرحبة التي عند المنبر فركع ركعتين.
أخرجه أحمد (٣/ ٧٠)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه من حديث الطيوري "الطيوريات" (٣١٢).
وإسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة.
° وقد احتج بعضهم برواية يحيى بن سعيد القطان على أن أمره بالصلاة إنما كان ليتفطن الناس له فيتصدقوا عليه؛ لا لعلة تحية المسجد، لكن يشكل عليه رواية ابن عيينة ففيها أمره بالصلاة في الجمعة الثانية بعد أن حصل له ثوبان في الجمعة الأولى، فانتفت علة التصدق في أمره بالصلاة في الجمعة الثانية، وتمحضت علة التحية، ورواية القطان مجملة، تفصلها رواية ابن عيينة.
قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤٠٨): "ومما يدل على أن أمره بالصلاة لم ينحصر في قصد التصدق؛ معاودته -صلى اللَّه عليه وسلم- بأمره بالصلاة أيضًا في الجمعة الثانية بعد أن حصل له في الجمعة الأولى ثوبين، فدخل بهما في الثانية فتصدق بأحدهما، فنهاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، أخرجه النسائي وابن خزيمة من حديث أبي سعيد أيضًا، ولأحمد وابن حبان أنه كرر أمره بالصلاة ثلاث مرات في ثلاث جمع، فدل على أن قصد التصدق عليه جزء علة لا علة كاملة".