للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤٦٧ و ٤٦٨) ولا يقولنَّ قائل: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خص بهما سليكًا؛. . . "، ثم احتج بحديث جابر، ثم قال: "ومما يزيد ذلك ثباتًا: فعلُ أبي سعيد الخدري ذلك، وهو الراوي بهذه القصة، دخل ومروان يخطب فقام يصلي الركعتين،. . . "، فذكر حديث أبي سعيد، ثم قال: "وفي قوله: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين" بعد أن علَّم سليكًا؛ أبين البيان بأن ذلك عام للناس".

وقال ابن قدامة في المغني (٢/ ٨٣): "ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما، وبهذا قال الحسن وابن عيينة ومكحول والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وقال شريح وابن سيرين والنخعي وقتادة والثوري ومالك والليث وأبو حنيفة: يجلس ويكره له أن يركع،. . . ".

وقال النووي في شرحه على مسلم (٦/ ١٦٤) بعد أن ذكر المخالفين: "وحجتهم: الأمر بالإنصات للإمام، وتأولوا هذه الأحاديث أنه كان عريانًا، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقيام ليراه الناس ويتصدقوا عليه، وهذا تأويل باطل، يرده صريح قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه".

وقال النووي في شرحه على مسلم (٥/ ٢٢٦) في سياق كلامه عن تأكد استحباب تحية المسجد: "ولم يترك التحية في حال من الأحوال؛ بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين؛ مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها؛ إلا التحية، فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن؛ لأنه قعد، وهي مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها، ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قطع خطبته وكلمه، وأمره أن يصلي التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام".

وقال ابن دقيق العيد في الرد على من خصص هذا الحديث بسليك، وأنه واقعة حال لا تعدو سليكًا إلى غيره، قال في الإحكام (٢/ ١١٢): "وقد عُرف أن التخصيص على خلاف الأصل، ثم يبعد الحمل عليه مع صيغة العموم، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب"، فهذا تعميم يزيل توهم الخصوص بهذا الرجل".

° فإن قيل: عمِل مالكٌ فيه بعمل أهل المدينة خلفًا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك؛ أن التنفل في حال الخطبة ممنوع مطلقًا، قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤١١): "وتُعُقِّب بمنع اتفاق أهل المدينة على ذلك، فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد الخدري، وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة، وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة أيضًا،. . . "، فذكر حديث أبي سعيد، ثم قال: "ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحًا ما يخالف ذلك"، وردَّ كل ما نقل عن الصحابة في ذلك.

° وقد احتج بعضهم بحديث عبد اللَّه بن بسر الآتي؛ بأن من دخل والإمام يخطب يوم الجمعة جلس، وكُره له أن يركع، والصواب بخلاف ذلك، فإن حديث جابر وأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>