وقال ابن عبد البر:"هكذا يقول المغيرة بن سلمان: ركعتان قبل الصبح، ولا يقول: ركعتان بعد الجمعة، ولا يقول في شيء منها: في بيته".
قلت: المغيرة بن سلمان: سئل عنه أحمد فقال: "هو معروف"، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه محمد بن سيرين، وأيوب السختياني، وقتادة، بل وحدث في بيت ابن سيرين بهذا الحديث فسمعوه منه جميعًا، وهذا مما يرفع من حاله، لا سيما رواية ابن سيرين عنه؛ فإنه كان ممن لا يروي إلا عن ثقة، قال ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٣٠١): "أجمع أهل العلم بالحديث: أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة، وأن مراسله صحاح كلها"، وقال أيضًا (١/ ٣٠): "وكل من عرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول، فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح" [وانظر أيضًا: تاريخ ابن معين للدوري (٤/ ٢٢٤/ ٤٠٧٧)، التهذيب (٤/ ١٣٣)].
قلت: وعلى هذا فإن حديثه هذا حديث صحيح؛ عدا قوله: وركعتين قبل الصبح، فإنه من حديث ابن عمر عن حفصة.
فقد روى نافع مولى ابن عمر، وسالم بن عمر، وهما أخص الناس بابن عمر، وأعلمهم بحديثه، كلاهما قد روى ركعتي الفجر عن ابن عمر عن حفصة، وأنها كانت ساعة لا يدخل فيها على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم ير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليهما، وإنما أخبرته بذلك أخته حفصة أم المؤمنين، وعلى هذا فكل من روى ركعتي الفجر من حديث ابن عمر المطول في رواتب المكتوبات، فهو واهم، لذا قال البخاري في الكنى (١١) بعدما ذكر بعض الطرق والتي فيها ذكر ركعتي الفجر من حديث ابن عمر هذا، ومنها طريق المغيرة بن سلمان وأنس بن سيرين، قال بعدها:"وقال نافع وسالم عن ابن عمر: حدثتني حفصة؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي ركعتين قبل الفجر"، ثم ذكر طريقين آخرين لا يصحان، ثم قال:"والصحيح: حديث حفصة".
• وانظر فيما لا يصح سنده إلى ابن سيرين: ما أخرجه الطبراني في الكبير (١٣/ ٢٤٦/ ١٣٩٨٦)، وفي الأوسط (٨/ ١١/ ٧٧٩٩)، وابن عدي في الكامل (٤/ ٨٠)[وفي سنده: أبو شعيب الصلت بن دينار، وهو: متروك الحديث].
وما أخرجه الطبراني في الكبير (١٣/ ٢٤٦/ ١٣٩٨٧)[وفي سنده: الحكم بن عطية، وهو: ليس بالقوي].
وما أخرجه الطبراني في الكبير (١٣/ ٢٤٧/ ١٣٩٨٩)، وابن عدي في الكامل (٥/ ٣٥)، وأبو الشيخ في فوائده (١٣٧ - انتقاء ابن مردويه)، وأبو الحسن الحمامي في الخامس من حديثه تخريج ابن أبي الفوارس (٤)(٧٤ - مجموع مصنفاته) [وفي سنده: عمار بن عمر بن المختار عن أبيه، وهما: ضعيفان، والأب أسوأ حالًا، وهو متهم بالوضع. اللسان (٦/ ٤٨ و ١٤٣)].