فإن قيل: تفرد به قبيصة عن الثوري، وقبيصة بن عقبة: وإن كان ثقة؛ إلا أنه كان كثير الغلط في حديث الثوري؛ لأنه سمع منه وهو صغير، وكان ابن معين يضعف روايته عن الثوري [التهذيب (٣/ ٤٢٦)، الميزان (٣/ ٣٨٣)، شرح علل الترمذي (٢/ ٨١١)، الإرشاد للخليلي (٢/ ٥٧٢)، السنن الكبرى للنسائي (٣/ ٣٤٣/ ٣٢١٦)].
قلت: قول أبي محمد الجرجاني: "والصحيح: رواية الجماعة عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالناس العيد"، فيه دليل على عدم تفرد قبيصة به عن الثوري؛ ومجرد تفرد قبيصة غايته القول بكونه غريبًا من حديث الثوري، وقد يكون محفوظًا إذا دلت القرائن على ذلك كحالتنا هذه، بل إن مخالفة هشام بن يوسف وحدها لرواية الفضل بن موسى قاضية بقبول رواية هشام لتقدمه في ابن جريج واختصاصه به، كما تقدم بيانه، فكيف وقد توبع على روايته، فضلًا عن اجتماع أئمة النقاد على الجزم بخطأ الفضل فيه، واللَّه أعلم.
° قال عباس الدوري: سمعت يحيى [يعني: ابن معين]، يقول:"عبد اللَّه بن السائب الذي يروي: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم العيد: هذا خطأ، إنما هو عن عطاء فقط، وإنما يغلط فيه الفضل بن موسى السيناني، يقول: عن عبد اللَّه بن السائب" [تاريخ ابن معين للدوري (٣/ ١٥/ ٥٦)، سنن البيهقي (٣/ ٣٠١)].
وقال ابن رجب في الفتح (٦/ ١٤٨): "وكذا ذكر الإمام أحمد أنه مرسل".
وسئل أبو زرعة عن حديث الفضل بن موسى، فقال:"الصحيح: ما حدثنا به إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عطاء؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ مرسل" [العلل (١/ ١٨٠/ ٥١٣)].
وقال أبو داود:"هذا مرسل؛ عن عطاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وفي نسخة:"هذا يُروى مرسلًا"، وكذا هو في جامع الأصول (٦/ ١٤١)، ونقله الدارقطني في سننه (٢/ ٥٠) عن أبي داود بلفظ: "وهذا يُروى عن عطاء مرسلًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وفي الأحكام الكبرى (٢/ ٤١٩): "هذا يُروى مرسلًا، عن عطاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وكذا في بيان الوهم (٥/ ٤١٩/ ٢٥٨٧)، وفي الفتح لابن رجب (٦/ ١٤٨).
وقال ابن خزيمة:"هذا حديث خراساني غريب غريب، لا نعلم أحدًا رواه غير الفضل بن موسى السيناني، كان هذا الخبر أيضًا عند أبي عمار عن الفضل بن موسى، لم يحدثنا به بنيسابور، حدث به أهل بغداد على ما خبرني بعض العراقيين".
وتابع البيهقي في ذلك يحيى بن معين، وصحح قوله.
وقال أبو محمد الجرجاني:"والفضل بن موسى: ثقة، غير أنه غلط في إسناده؛ فيما زعم الإمام أبو زكريا يحيى بن معين، وغيره من الحفاظ".