للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد اللَّه بن زيد، وحديث ابن عيينة عن عبد اللَّه بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد اللَّه بن زيد، برواياته المختلفة في التقديم والتأخير [وقد تقدم تخريجها]، قلت: إخراجه لها لا يدل عندي على احتجاجه بها على تأخير الصلاة، وإلا لترجم لهذه المسألة، لاسيما مع علمه بوقوع الخلاف فيها، وسكوته عن هذه المسألة إنما غايته أن يقال: إن الأمر عنده في ذلك واسع، قدَّم الصلاة أو أخرها، وذلك لاختلاف الروايات في هذا الباب، ومن أهل العلم من يذهب إلى التخيير في ذلك، وأن الأمر فيه واسع، وهو رواية عن أحمد [انظر: الفتح لابن رجب (٦/ ٢٨٣)]، وإن كنتُ أرى أن الروايات الراجحة تدل على تقديم الصلاة على الاستسقاء، وأنه لم يرد دليل صحيح صريح على الخطبة.

وممن ذهب إلى أن حديث عبد اللَّه بن يزيد هذا يدل على تقديم الصلاة: البزار، حيث قال بعد حديث أنس السابق، وفيه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب في الاستسقاء قبل الصلاة، قال: "وهذا الحديث خلاف ما روي عن عبد اللَّه بن يزيد وعن أبي هريرة"، قلت: أما حديث أنس وأبي هريرة فهما منكران، وأما حديث عبد اللَّه بن يزيد فهو صحيح موقوفًا، فكلام البزار يدل على تقديم الصلاة على الخطبة، واللَّه أعلم.

كذلك فإن رواية شعبة وزهير ليس فيها ذكر الخطبة، وإنما فيها ذكر الاستسقاء والاستغفار، وإنما جاء ذكر الخطبة في رواية الثوري، ويمكن حملها على عد الاستغفار والدعاء والتضرع والتكبير خطبة تجوزًا، واللَّه أعلم.

٣ - حديث عائشة:

يرويه خالد بن نِزار: حدثني القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، قالت: شكا الناسُ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قُحُوطَ المطر، فأمر بمنبرٍ فوُضع له في المصلَّى، ووعد الناسَ يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين بدا حاجبُ الشمس، فقعد على المنبر، فكبر -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحمد اللَّه عزَّ وجلَّ، ثم قال: "إنكم شكوتم جدبَ دياركم، واستئخارَ المطرِ عن إِبَّانِ زمانه عنكم، وقد أمركم اللَّه عزَّ وجلَّ أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم"، ثم قال: "الحمد للَّه رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا اللَّه، يفعل ما يريد، اللهُمَّ أنت اللَّه، لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِلْ علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَ لنا قوة وبلاغًا إلى حين"، ثم رفع يديه، فلم يزَلْ في الرفعِ حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهره، وقلبَ أو حوَّلَ رداءه، وهو رافعٌ يديه، ثم أقبل على الناس ونزل، فصلى ركعتين، فأنشأ اللَّه سحابةً فرَعَدَت وبَرَقَت، ثم أمطرت بإذن اللَّه، فلم يأتِ مسجدَه حتى سالت السيول، فلما رأى سُرعتَهم إلى الكِنِّ ضحك -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى بدت نواجِذُه، فقال: "أشهد أن اللَّه على كل شيء قدير، وأني عبدُ اللَّه ورسوله".

وهو حديث غريب، ويأتي تخريجه برقم (١١٧٣).

وهذا الحديث حجة قوية في إثبات الخطبة في الاستسقاء، وأنها تكون قبل الصلاة؛ لكنه لا يثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>