للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالت: صلاة الآيات ستُّ ركعاتٍ في أربعِ سجداتٍ. موقوفًا عليها.

ورواه ابن جريج، قال: سمعت عطاء، يقول: سمعت عبيد بن عمير، يقول: حدثني مَن أصدِّق، حسبته يريد عائشة، به مرفوعًا مطولًا.

وهذا أشبه بالصواب؛ فإن ابن جريج: أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح، لزمه سبع عشرة سنة [التهذيب (٢/ ٦١٦)].

° وقد روى هذا الحديث عن عائشة: عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن [يأتي برقم (١١٨٠)]، وهما من أخص وأثبت أصحابها، وأكثرهم لها ملازمة، فخالفا في عدد الركوع في كل ركعة، حيث جعلاه ركوعين في كل ركعة، وهذا هو المحفوظ عن عائشة، وما عداه وهمٌ، واللَّه أعلم.

والدليل على وقوع الوهم في رواية عبيد بن عمير: أن عبيد بن عمير وعروة وعمرة يروون عن عائشة واقعة واحدة يستحيل فيها التعدد؛ حيث إنها مؤرخة بوفاة إبراهيم ابن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووقعت الإشارة إلى ذلك في رواية عبيد بقوله: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن آيتان من آيات اللَّه يخوفكم بهما، فإذا كُسِفا فافزعوا إلى ذكر اللَّه عز وجل حتى ينجليا"، وفي رواية عروة: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحدٍ، ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة"، ووقع في رواية للزهري عن عروة: وذلك أن إبراهيم كان مات يومئذ، فقال الناس: إنما كان هذا لموت إبراهيم، والحاصل: أن هذا أمر يستحيل فيه التعدد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع: "والصواب: أنه لم يصل إِلا بركوعين، وأنه لم يصل الكسوف إِلا مرة واحدة، يوم مات إبراهيم،. . .، ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين، ولا كان له إبراهيمان" [التوسل والوسيلة (٨٦)، ومجموع الفتاوى (١/ ٢٥٦) و (١٨/ ١٧ و ٧٣)].

وقد رده البيهقيّ في المعرفة (٣/ ٨٣) بقوله: "وفي رواية ابن جريج دليل على أن عطاء إنما أسنده عن عائشة بالظن والحسبان لا باليقين، وكيف يكون عدد الركوع فيه محفوظًا عن عائشة، وقد روينا عن عروة وعمرة عن عائشة بخلافه، وإن كان غير عائشة كما توهمه؛ فعروة وعمرة أخص بعائشة وألزم لها من عبيد بن عمير، وهما اثنان فروايتهما أولى أن تكون هي المحفوظة".

وقال في السنن (٣/ ٣٢٦): "وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة، ورواية عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد اللَّه بن عمرو، ورواية أبي الزبير عن جابر بن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إنما صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعين، وفي حكاية أكثرهم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذ: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته"؛ دلالة على أنه إنما صلاها يوم توفي ابنه، فخطب وقال هذه المقالة، ردًّا لقولهم: إنما كسفت لموته، وفي اتفاق

<<  <  ج: ص:  >  >>