للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الثالث: يغلب على الظن أن يكون حبيب بن أبي ثابت قد أُتي في هذا الحديث من قِبل التدليس؛ فإنه ديان كان قد سمع شيئًا من طاوس؛ إِلا أنه لم يبين سماعه في هذا الحديث، وحبيب: معدود في المدلسين، فقد روى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: "لو أن رجلًا حدثني عنك، ما باليت أن أرويه عنك"، وقد وصفه بالتدليس: ابن خزيمة، وقال بعد أن روى قول حبيب هذا في التوحيد: "يريد: لم أبال أن أدلسه"، وظاهر كلامه في صحيحه يدل على أنه لا يحتج بحديث حبيب حتى يصرح بالسماع في كل حديث حديث، ووصفه بالتدليس أيضًا: ابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وقد سبق أن فصلت الكلام عن تدليس حبيب عند الحديث رقم (٥٦٧)، وقد تقدم معنا أيضًا لحبيب حديث القبلة [برقم (١٨٥)]، وحديث المستحاضة [برقم (٢٩٨)]، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير، بل وأخطأ فيهما أيضًا على عروة، واللَّه أعلم.

• وأما بخصوص هذا الحديث:

فقد قال ابن حبان (٧/ ٩٨): "خبر حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى في كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات: ليس بصحيح؛ لأن حبيبًا لم يسمع من طاوس هذا الخبر".

وقال البيهقي في السنن (٣/ ٣٢٧): "وأما محمد بن إسماعيل البخاري رحمه اللَّه فإنه أعرض عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد روينا عن عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت ليان كان من الثقات فقد كان يدلس، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به عن طاوس، وقد روى سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس من فعله؛ أنه صلاها ست ركعات في أربع سجدات، فخالفه في الرفع والعدد جميعًا"، ثم ذكر مناظرة للشافعي تثبت هذا المعنى.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ٣٠٢) في حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس: "هذا من أصح حديث يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف، وهي ركعتان في كل ركعة ركوعان، فحصلت أربع ركعات وأربع سجدات، وكذلك روى ابن شهاب عن كثير بن عباس عن عبد اللَّه بن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-،. . . "، ثم ذكر كلامًا طويلًا إلى أن قال: "وحديث طاوس هذا: مضطرب ضعيف، رواه وكيع عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، ورواه غير الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس لم يذكر طاوسًا، ووقفه ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس فعله، ولم يرفعه، وهذا الاضطراب يوجب طرحه، واختلف أيضًا في متنه فقوم يقولون: أربع ركعات في ركعة، وقوم يقولون: ثلاث ركعات في ركعة، ولا يقوم بهذا الاختلاف حجة،. . . "، ثم كرَّ بالتضعيف على حديث عطاء عن جابر، وحديث أُبي، وحديث عبيد بن عمير عن

<<  <  ج: ص:  >  >>