للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس، وعبد اللَّه بن عمرو، وأسماء، وجابر] في وصف صلاة الكسوف بأنها ركعتان، في كل ركعة ركوعان.

ومنه: النص على عدم سماع الصوت في القيام، وفي الركوع، وفي السجود؛ مما يعني أنه أسر في هذه المواضع الثلاث، أما الإسرار في القيام، فلأنه موضع الجهر بالقراءة، فكأنه يقول: إنه لم يجهر في صلاة الكسوف كما يجهر في الجمعة والعيدين والاستسقاء والمغرب والعشاء والفجر، وأما موضع الاشكال: ففي ذكر الإسرار في الركوع والسجود، إذ الأصل فيهما الإسرار، فإقران الركوع والسجود بالقيام دليل على وقوع الوهم، فضلًا عن مخالفته الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على جهر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقراءة في صلاة الكسوف، مثل حديث عائشة، وحديث كثير بن عباس عن ابن عباس؛ لأنه مروي بمعناه، وقد تقدما برقم (١١٨٠ و ١١٨١).

هذا من وجه، ومن وجه آخر: فإن هذا الحديث ليس نصًا في الإسرار، ولا يعدو كونه إخبارًا عن حال سمرة، وهو أنه لم يسمع صوت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا أخذنا في الاعتبار نفيه لعدم سماع الصوت في الركوع والسجود، بمعنى عدم سماع تكبيره للركوع والسجود، فمن باب أولى عدم سماع جهره بالقراءة لبعده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي حديثه ما يدل على ذلك؛ فقد أخبر أنه أتى المسجد وقد غصَّ بالناس وامتلأ؛ فأنى له سماع الصوت!!!، وإلى هذا جنح ابن حبان في صحيحه (٧/ ٩٤) حيث ترجم لحديث سمرة (٢٨٥٢) بقوله: "ذكر الخبر الدالِّ على أن سمرة لم يسمع قراءة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف؛ لأنه كان في أخريات الناس، بحيث لا يسمع صوته".

ويبدو أن البخاري نظر إلى المعنى الأول، حيث أتى فيه ثعلبة بما يخالف رواية الثقات المصرحة بالجهر في القراءة، وهي حديث عائشة، وحديث كثير بن العباس عن ابن عباس [تقدما برقمي (١١٨٠ و ١١٨١)]:

قال البخاري: "حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- في الجهر: أصح من حديث سمرة" [كذا وقع في خلافيات البيهقي (٢/ ٣٨٥ - مختصره). والمعرفة (٥/ ١٥٣/ ٧١٤١ - ط. قلعجي). وهو أصح مما وقع في ترتيب علل الترمذي الكبير (١٦٤): "حديث كثير بن عباس في صلاة الكسوف: أصح من حديث سمرة؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أسر القراءة فيها"].

لكنه في المقابل أخرج منه في خلق أفعال العباد الطرف المتعلق بقيام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بما أوجب اللَّه عليه من تبليغ الرسالة وأداء الأمانة، وهو مما توبع عليه.

وفي هذا إشارة إلى عدم الحكم على الحديث بالنكارة مطلقًا؛ إذ المنكر أبدًا منكر.

° والحاصل: فإن حديث سمرة هذا قد يستشهد به في بعض ما توبع عليه، أعني: في أصله بدون تقييده بخطبة الكسوف، ويبقى ضعيفًا فيما لم يتابع عليه ثعلبة فيه، واللَّه أعلم.

فهو حديث ضعيف.

* وقد روي من وجه آخر مختصرًا بإسناد واهٍ [أخرجه البزار (١٠/ ٤٦٠/ ٤٦٣٨)]

<<  <  ج: ص:  >  >>