حجر في التهذيب (٢/ ٣١٠) مختصرًا، ويبدو أن ابن حجر تنبه للنكتة المشار إليها فأغفل ما وقع فيه ابن عدي من الوهم في النقل عن البخاري، واعتمد توثيق ابن عبد الرحيم، فقال عنه في التقريب: "صدوق"، واللَّه أعلم.
كذلك فقد وثقه الحاكم ضمن رجال هذا الإسناد، حيث قال: "هذا حديث رواته مدنيون ثقات".
وقد روى عنه: الزهري، ومحمد بن عبد اللَّه بن المهاجر الشعيثي، وغيرهما [الجرح والتعديل (٥/ ١٨)، والتهذيب (٢/ ٣١٠)]، وصحح له هذا الحديث: ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء، واحتج به النسائي، ففي ذلك توثيق ضمني لهذا الرجل، ولم يثبت فيه جرح، ولم يأت بما ينكر، بل توبع على أصل حديثه، فالأصل عندئذ قبول حديثه.
والحاصل: فإن حديث ابن عمر هذا: حديث صحيح، واللَّه أعلم.
* وقد روي عن ابن عمر من وجه آخر فيه ضعف، وهو صالح في المتابعات:
يرويه إسماعيل بن عياش [روايته عن أهل الشام مستقيمة، وهذه منها]، عن مجاهد بن فرقد الصنعاني، عن أبي منيب الجرشي، قال: قيل لابن عمر: قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الآية، فنحن آمنون لا نخاف، أفنقصر الصلاة؟ فقال: لقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (١/ ٢٤٦/ ٣٩٣ - مسند عمر)، بإسناد صحيح إلى ابن عياش.
أبو المنيب الجرشي: شامي ثقة، لم يُذكر له سماع من ابن عمر [الكنى للبخاري (٧٠)، والجرح والتعديل (٩/ ٤٤٠)، والثقات (٥/ ٥٦٤)، والتمهيد (١١/ ٧٦)، وتاريخ دمشق (٦٧/ ٢٥٧)، والتهذيب (٤/ ٥٩٤)]، ومجاهد بن فرقد أبو الأسود الصنعاني، من صنعاء دمشق، وقيل: الطرابلسي: روى حديثًا منكرًا [الجرح والتعديل (٨/ ٣٢٠)، وفتح الباب (٤٦٨)، وتاريخ دمشق (٥٧/ ٤٤)]، وقد قيل: لم يرو إسماعيل بن عياش عن مجاهد بن فرقد غير حديثين ولم يسمع منه غيرهما [تاريخ دمشق (٥٧/ ٤٦)]، ولم يذكره المزي، وبيض له ابن حجر في التهذيب (٤/ ٢٦).
وقد ترجم له الذهبي في الميزان (٣/ ٤٤٠)، وقال عن حديثه الآخر: "حديثه منكر، تكلم فيه"، وقال في المغني (٣/ ١٤٥): "روى حديثًا منكرًا"، وكذا قال في تاريخ الإسلام (٩/ ٥٨٦).
قلت: وأما حديثه هذا فهو حديث معروف، فيقال إذًا عن مجاهد بن فرقد بأنه أخطأ في حديث، وأصاب في حديث، واللَّه أعلم.
° قال ابن المنذر بعد حديث عمر: "فدل هذا الحديث على أن اللَّه قد يبيح في كتابه الشيء بشرط، ثم يبيح ذلك الشيء على لسان نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغير ذلك الشرط، ألا ترى أن القصر إنما أبيح على ظاهر الكتاب لمن كان خائفًا، فلما أباح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- القصر في حال