وممن صوب أيضًا رواية الليث ومن تابعه: الخطيب البغدادي في غنية الملتمس (٢٦٤)، وأبو العباس الداني في كتاب الإيماء (٢/ ٥١٨)، والقاضي عياض في مشارق الأنوار (٢/ ٣٣٤).
• ورواه حجاج بن محمد [ثقة ثبت]، قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الشعيثي [صدوق]، عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، عن أمية بن عبد اللَّه بن خالد بن أسيد؛ أنه قال لابن عمر: كيف تُقصَر الصلاة؟ وإنما قال اللَّه عزَّ وجلَّ:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}، فقال ابن عمر: يا ابن أخي! إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتانا ونحن ضُلال فعلَّمنا، فكان فيما علَّمنا أن اللَّه عزَّ وجلَّ أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر.
قال الشعيثي: وكان الزهري يحدث بهذا الحديث عن عبد اللَّه بن أبي بكر.
أخرجه النسائى فى المجتبى (١/ ٢٢٦/ ٤٥٧)، وفى الكبرى (٢/ ١٩٦/ ٣٩٣ - ط. التأصيل).
قلت: وهذا الحديث رجاله ثقات؛ عدا شيخ الزهري، ترجم له البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٥٥)، فقال:"عبد اللَّه بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي القرشي: سمع أمية بن عبد اللَّه، قاله الليث وحسان بن إبراهيم عن يونس عن الزهري، وتابعه فليح بن سليمان، وقال ابن وهب والزبيدي: عبد الملك بن أبي بكر؛ ولا يصح، وقال معمر: عبد اللَّه بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن أمية بن عبد اللَّه؛ ولا يصح"، وترجم له البخاري في موضع آخر (٥/ ٢٦١)، وقال:"هو أخو الحارث وعمر وعبد الملك"، وقول البخاري:"لا يصح"، إنما هو حكم بالوهم على رواية من سماه: عبد الملك، إنما هو عبد اللَّه، وكذلك مَن غيَّر موضع "بن"، فجعلها موضع "عن"، وقال:"عبد اللَّه بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن أمية بن عبد اللَّه"، إنما هو: عبد اللَّه بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد اللَّه، وبناء على ذلك؛ فإن قول ابن عدي في الكامل (٤/ ٢٣١)(٧/ ٢٨ - ط. الرشد) نقلًا عن البخاري: "لا يصح حديثه"، نقل غير دقيق، فقد اختصر ابن عدي ترجمته، وخالف عادته فلم يورد في ترجمته شيئًا من حديثه مما ينكر عليه، فترجم له ترجمة مقتضبة جدًا، واختصر فيها أيضًا كلام البخاري فأوهم معنى جديدًا، قال ابن عدي:"قال البخاري: عبد اللَّه بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، ويقال: عبد الملك بن أبي بكر؛ لا يصح حديثه"، هكذا نقل ابن عدي عن البخاري كلامه مختصرًا، وكان ينبغي أن يكون آخر كلامه:"ولا يصح" فقط، دون لفظة: حديثه، وبهذا يستقيم المعنى، وهو أن البخاري خطَّأ من سماه: عبد الملك؛ إنما هو عبد اللَّه، ولم يقل البخاري بأن حديثه لا يصح، كما سبق أن بينت آنفًا.
وبناءً على هذا فإني لم أقف على جارح لعبد اللَّه بن أبي بكر، بل وقفت على تعديله فيما نقله مغلطاي في الإكمال (٧/ ٢٦٧) فقال: "ذكره ابن خلفون فى الثقات، وقال: قال ابن عبد الرحيم: عبد اللَّه بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: ثقة"، ونقله عنه ابن