للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصلي في السفر ركعتين، فقالت: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في حرب، وكان يخاف، هل تخافون أنتم؟

أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (١/ ٢٦٢/ ٤٣٧ - مسند عمر). وفي التفسير (٥/ ٢٤٥).

قلت: عبد اللَّه بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المدني المعروف بابن أبي عتيق: ثقة، روايته عن عائشة في الصحيحين [البخاري (٥٦٨٧)، ومسلم (٥٦٠) وابنه عمر هذا: لم أجد من ترجم له، ويبدو أنه لا يُعرف حيث لم يذكره المزي فيمن روى عن أبيه، ولم أجد من روى عنه سوى: أبي بكر الحنفي عبد الكبير بن عبد المجيد [وهو: بصري ثقة]، ومحمد بن عمر الواقدي [وهو: متروك، روايته عنه في طبقات ابن سعد (٨/ ٦٤)]، مع قلة روايته جدًا، وشيخ الطبري: أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري: ذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٤٩٩)، وروى عنه جماعة سوى ابن جرير الطبري، وقال مسلمة: "بصري، لا بأس به" [الثقات لابن قطلوبغا (٧/ ٣٨٩)]، وانقلب اسمه عند ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٨/ ٤١)، فقال: "محمد بن عمران بن الحكم الأنصاري، أبو عاصم: بصري، روى عن أبي بكر الحنفي وسلم بن قتيبة وحماد بن مسعدة، سمع منه أبي بسامرا، وروى عنه،. . . سئل أبي عنه، فقال: صدوق"، فاللَّه أعلم.

ولا يحتمل من عمر هذا التفرد عن ابن أبي عتيق عن عائشة بهذا الحديث المنكر المخالف للمعهود من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من قصره الصلاة في السفر حال الأمن، وفي حجة الوداع آمن ما كان الناس وأكثره [كما في حديث حارثة بن وهب، المشار إليه في الشواهد برقم (٧)، وهو حديث متفق عليه، عند البخاري (١٠٨٣)، ومسلم (٦٩٦)، وأحد ألفاظه: صلى بنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمن ما كان بمنى ركعتين]، والمخالف لما أجاب به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عمر بن الخطاب أتقدم برقم (١٠٩٩ و ١٢٠٠)، وفيه: "صدقةٌ تصدَّق اللَّه بها عليكم، فاقبلوا صدقته"]، والمخالف لما أجاب به ابن عمر من سأله عن الصلاة في السفر حال الأمن [وهو حديث صحيح، تقدم تحت الحديث رقم (١٢٠٠)، وفيه أن السائل قال لعبد اللَّه بن عمر: إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السفر في القرآن، فقال له ابن عمر: يا ابن أخي! إن اللَّه عز وجل بعث إلينا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا نعلم شيئًا، وإنما نفعل كما رأينا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل]، والمخالف لما رواه جمع غفير من الصحابة، من قصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرباعية في السفر وهم آمنون، لا يخافون إلا اللَّه، وتواترت به الرواية، وانتشرت به السُّنَّة بين المسلمين علمًا وعملًا من القصر في السفر حال الأمن؛ حتى إنها لا تخفى على أحد من عامة المسلمين فضلًا عن علمائهم، فكيف تخفى بعد ذلك على عائشة، وهي التي روت حديث: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأُقرَّت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر، وعلى هذا: فهذا الحديث من أبطل الباطل [وقد حكم ببطلانه في الضعيفة (٩/ ١٥٦/ ٤١٤١) العلامة الألباني رحمه اللَّه تعالى]، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>