وعطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد؛ من مكة إلى عسفان".
أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٩٦/ ١١١٦٢)، والدارقطني (١/ ٣٨٧)، والبيهقي في السنن (٣/ ١٣٧)، وفي المعرفة (٢/ ٤٢١/ ١٥٨٦)، وعزاه بعضهم لابن خزيمة [ولم أجده فيه، ولم يعزه إليه ابن حجر في الإتحاف (٧/ ٤١٣/ ٨٠٨٨)، ولا السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٦٥٨)].
قال البيهقي: "وهذا حديث ضعيف؛ إسماعيل بن عياش: لا يحتج به، وعبد الوهاب بن مجاهد: ضعيف بمرة، والصحيح أن ذلك من قول ابن عباس".
وقال النووي في المجموع (٤/ ٢٧٧): "هو حديث ضعيف جدًا؛ لأن عبد الوهاب مجمع على شدة ضعفه، وإسماعيل أيضًا ضعيف، لا سيما في روايته عن غير الشاميين".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "باطل بلا شك عند أئمة أهل الحديث" [المجموع (٢٤/ ٣٩)].
وقال في موضع آخر (٢٤/ ١٢٧): "وهذا ما يعلم أهل المعرفة بالحديث أنه كذب على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن هو من كلام ابن عباس".
قلت: هو حديث باطل، عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر: متروك، كذبه الثوري، ولم يسمع من أبيه [التهذيب (٢/ ٦٤٠)]، ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها.
* وإنما يُعرف هذا موقوفًا على ابن عباس بإسناد صحيح:
فقد روى سفيان بن عيينة، وأيوب السختياني، وشعبة:
عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس؛ أنه سئل: أنقصر إلى عرفة؟ فقال: لا، ولكن إلى عسفان، وإلى جدة، وإلى الطائف [فإن قدمت على أهلِ لك أو ماشيةٍ فأتم الصلاة]. واللفظ لابن عيينة.
أخرجه الشافعي في الأم (١/ ١٨٣) و (٧/ ١٨٧)، وفي المسند (٢٥ و ٣٨٨)، وعبد الرزاق (٢/ ٥٢٤/ ٤٢٩٧)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٠٢/ ٨١٤٠)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٢/ ٩٠٥/ ١٢٧١ - مسند عمر) و (٢/ ٩٠٦/ ١٢٧٣ - مسند عمر)، والبيهقي في السنن (٣/ ١٣٧)، وفي المعرفة (٢/ ٤١٨/ ١٥٧٩).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
وله أسانيد أخرى عن ابن عباس، تركتها اختصار، وإنما أردت بيان بطلان المرفوع.
قال الشافعي: "وأقرب هذا من مكة ستة وأربعون ميلًا بالأميال الهاشمية، وهي مسيرة ليلتين قاصدتين، دبيب الأقدام وسير الثَّقَل".
قلت: وأما بالسير القوي فيعادل مسيرة يوم وليلة.
قلت: وقد قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: تقصر الصلاة في مسيرة أربعة برد،