* وقد روي خلاف ذلك مرفوعًا، ولا يصح:
رواه هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، وعلي بن عاصم [الواسطي: صدوق، كثير الغلط]:
عن أبي هارون، عن أبي سعيد؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا سافر فرسخًا قصر الصلاة. وفي رواية: إذا سار فرسخًا نزل يقصر الصلاة. وفي رواية علي بن عاصم: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان إذا سار فرسخًا تجوَّز في الصلاة.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٥٢٩/ ٤٣١٨)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٠٠/ ٨١١٣)، وعبد بن حميد (٩٤٧)، وابن عدي في الكامل (٥/ ٧٩)، وابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٢٣٨).
وإسناده واهٍ بمرة؛ أبو هارون عمارة بن جوين العبدي البصري: متروك، كذبه جماعة [التهذيب (٣/ ٢٠٧)].
* وأقل ما احتج به البخاري في باب أقل مسافة القصر: مسيرة يوم وليلة، وهو اليوم التام، وذلك مسافة أربعة برد بالسير القوي، ولا يثبت ما روي بلفظ البريد.
° قال البخاري في صحيحه:
"وسمى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا وليلةً سفرًا.
وكان ابن عمر وابن عباس -رضي اللَّه عنهم- يَقصُران ويُفطِران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخًا".
وهي أقصى مسافة يمكن قطعها في اليوم والليلة بالسير القوي، ولو كان اسم السفر يطلق على ما هو أقل من مسيرة يوم وليلة لأطلقه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ وذلك لأنه أراد منع المرأة من السفر بغير محرم، فاستعمل أقل مدة زمنية يمكن أن يطلق عليها اسم السفر:
• فقد روى سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم [وليلة] إلا مع ذي محرم".
أخرجه البخاري (١٠٨٨)، ومسلم (١٣٣٩)، ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء اللَّه تعالى، برقم (١٧٢٣).
وما روي في ذلك بلفظ اليوم فقط، أو بلفظ الليلة فقط، فهو محمول على إطلاق الجزء على الكل، والعرب قد تطلق جزء الشيء وتريده كله، أعني هنا: اليوم التام، يوم بليلته، قال البيهقي في السنن (٣/ ١٣٩): "وهذه الروايات عن أبي هريرة كلها متفقة في متن الحديث؛ لأن من قال: يومًا أراد به بليلته، ومن قال: ليلة أراد بيومها"، وأما البريد فلا تثبت الرواية فيه، وهي لفظة شاذة تفرد بها سهيل بن أبي صالح، دون ثلاثة من الحفاظ من أصحاب المقبري، وهم: مالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن أبي ذئب [ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء اللَّه تعالى، برقم (١٧٢٥)]، واللَّه أعلم.
• قال الأوزاعي: "وعامة العلماء يقولون: مسيرة يوم تام"، قال ابن المنذر: "وبهذا نأخذ" [الأوسط (٤/ ٣٥١)، الصيام لجعفر الفريابي (١١٨)، الاستذكار (٢/ ٢٤٢)].
* وأما ما رواه إسماعيل بن عياش، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه،