للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك فقد احتج البخاري بهذه اللفظة في موضعين، وترجم لها بقوله: "باب من نحر بيده"، وقال أيضًا: "باب نحر البدن قائمة".

والثالثة: وذبح [وفي رواية: وضحى] رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة كبشين أقرنين أملحين.

وهذه اللفظة توهم بظاهرها أن ذلك كان في ذي الحجة من نفس السنة التي حج فيها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا يخالف:

ما رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين، فذبحهما بيده.

أخرجه البخاري (٥٥٥٤).

قال البخاري: "تابعه وهيب عن أيوب".

قلت: يعني على أصل حديثه، وإلا فإن سياق رواية وهيب إنما هو في حجة الوداع، فأشعر بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكَّل من يضحي عنه بالمدينة، ورواية الثقفي هذه تدل على أنه ذبحهما بالمدينة بنفسه، لا بالوكالة، لقوله: فذبحهما بيده، يعني: أنه كان بالمدينة حين ذبحهما، وهذا يخالف ظاهر رواية وهيب؛ إلا إذا حملنا رواية وهيب على ذكر ما وقع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من عادته في الأضحية قبل حجة الوداع، فلما حج نحر بيده سبع بدنات، خلافًا لما اعتاده في المدينة من تضحيته بكبشين.

فلما كان الجمع بين ظاهر هاتين الروايتين ممتنع إذا قلنا بأنهما وقعا في زمان واحد، وأنهما واقعة واحدة، لاختلاف المكان وتباعده، فدل على أن وهيبًا أدخل حديثًا في حديث، لاتحادهما في السند، فأوهم معنى جديدًا، والصواب: رواية الثقفي، ومن ثم فلم يثبت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحى في حجة الوداع، واللَّه أعلم.

* ومن المتابعات لرواية وهيب المطولة غير ما تقدم ذكره:

أ - روى عبد الوهاب الثقفي: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس -رضي اللَّه عنه-، قال: كنت رديف أبي طلحة، وإنهم ليصرخون بهما جميعًا؛ الحج والعمرة.

أخرجه البخاري (٢٩٨٦)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٧/ ٧٢/ ١٨٨٠).

ب - ورواه معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة [وحميد بن هلال]، عن أنس؛ قال: كنت رديف أبي طلحة، وهو يساير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إن رجلي لتمس غرز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسمعته يلبي بالحج والعمرة معًا.

أخرجه أحمد (٣/ ١٦٤)، والدارقطني في الأفراد (١/ ١٨٣/ ٨١٩ - أطرافه)، وابن حزم في حجة الوداع (٤٨٢).

ومعمر بن راشد وإن كان ثقة في الزهري وابن طاووس؛ إلا أنه كان يُضعَّف حديثه عن أهل العراق خاصة، وحديثه عن أهل البصرة فيه ضعف، وأيوب بصري [انظر: تاريخ دمشق (٥٩/ ٤١٤)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٧٤)].

ج - ورواه عبيد اللَّه بن عمرو الرقي [ثقة، وليس بالثبت في أيوب]، عن أيوب، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>