• فائدة:
قال ابن العربي في القبس (١/ ٣٣١): "ثبت الفرق بين صلاة السفر وصلاة الحضر في الدين قطعًا، ولم يُذكر حدُّ السفر الذي يقع به الفرق لا في القرآن ولا في السُّنَّة، وإنما كان كذلك لأنها كانت لفظةً عربيةً مستقرًّا علمُها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن، إلا أن الإشكال وقع في ذلك بين العلماء".
° قال الترمذي (٥٤٨): "حديث أنس حديث حسن صحيح.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه أقام في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين. قال ابن عباس: فنحن إذا أقمنا ما بيننا وبين تسع عشرة صلينا ركعتين، وإن زدنا على ذلك أتممنا الصلاة.
وروي عن علي أنه قال: من أقام عشرة أيام أتم الصلاة.
وروي عن ابن عمر أنه قال: من أقام خمسة عشر يومًا أتم الصلاة، وروي عنه: ثنتي عشرة، وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا أقام أربعًا صلَّى أربعًا، وروى عنه ذلك قتادة، وعطاء الخراساني، وروى عنه داود بن أبي هند خلاف هذا.
واختلف أهل العلم بعدُ في ذلك، فأما سفيان الثوري، وأهل الكوفة فذهبوا إلى توقيت خمس عشرة، وقالوا: إذا أجمع على إقامة خمس عشرة أتم الصلاة.
وقال الأوزاعي: إذا أجمع على إقامة ثنتي عشرة أتم الصلاة.
وقال مالك، والشافعي، وأحمد: إذا أجمع على إقامة أربعة أتم الصلاة.
وأما إسحاق فرأى أقوى المذاهب فيه حديث ابن عباس، قال: لأنه روى عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم تأوله بعد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذا أجمع على إقامة تسع عشرة أتم الصلاة.
ثم أجمع أهل العلم على أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون".
وقال أبو بكر الأثرم في الناسخ والمنسوخ (٤٣): "فأما حديث ابن عباس وعمران بن حصين في إقامة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكة في الفتح؛ فإنه لم يكن للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عزيمةٌ تُعلم.
وكذلك السُّنَّة في من لم يعزم، أنه يقصر ما أقام، كما فعل أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أقام عدةٌ منهم سنتين يقصر الصلاة".
° قلت: ومن أصرح وأصح ما وجدته عن الصحابة: على أن المسافر يقصر ما لم يعزم على الإقامة:
ما رواه مالك، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، وابن جريج:
عن ابن شهاب الزهرى، عن سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر كان يقول: أصلي صلاةَ المسافر، ما لم أُجمِع مُكثًا [وفي رواية ابن عيينة: ما لم أُجمِع الإقامة]، وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة.
أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٢١٢/ ٤٠٠)، وعبد الرزاق (٢/ ٥٣٣/ ٤٣٤٠) [وفي