رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقام صفٌّ خلفه، وصفٌّ حيال العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين، ثم قام حتى صلوا ركعة إلى ركعتهم، ثم ذهب هؤلاء إلى مكان الآخرين، وجاء الآخرون إلى مكان هؤلاء، فصلى ركعة وسجدتين، ثم جلس حتى صلوا ركعةً أخرى، ثم سلم عليهم.
أخرجه الطحاوي في المشكل (١٠/ ٤١٣ - ٤١٤/ ٤٢١٩)، بإسناد صحيح إلى عثمان.
• وتابعهما: روح بن عبادة، فرواه عن شعبة ومالك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري به، وخالف في متنه، وتقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (١٢٣٧).
قلت: هكذا رواه شعبة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الرحمن بن القاسم، كلاهما عن القاسم به؛ إلا أن يحيى أوقفه، ورفعه عبد الرحمن، لكن أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري يروونه عنه بتقديم سلام الإمام، وشعبة هنا يؤخره، وهو وهمٌ، ولعل سببه أن شعبة حمل تأخير السلام من رواية عبد الرحمن بن القاسم، ولم يضبط الفرق بينها وبين رواية يحيى بن سعيد والتي جاءت بتقديم السلام، والله أعلم.
وانظر أيضًا: ما أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق (٢/ ١٢٠٩/ ٧٥٤) [وإسناده واهٍ بمرة، فيه: عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان، وهو: متروك كذبه جماعة].
* والحاصل: فقد اختلف في هذا الحديث على القاسم بن محمد:
أ - فرواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، قال: [أن صلاة الخوف] يقوم الإمام مستقبل القبلة،. . . الحديث موقوفًا على ابن أبي حثمة، وبتقديم سلام الإمام.
ب - ورواه عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوَّات، عن سهل بن أبي حَثْمة؛ أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى بأصحابه في خوفٍ،. . . الحديث، هكذا مرفوعًا، وبانتظار الإمام الطائفة الثانية حتى تقضي ركعتها، ثم يسلم بهم.
قلت: أما رواية الرفع فهي زيادة من ثقة عالم، فهي مقبولة، إذ مثل ذلك لا يُقال من قبل الرأي، وكلام أبي حاتم وأبي زرعة في العلل يقتضي إعمال الرفع [تقدم ذكره، ويأتي إعادته أيضًا]، كما تقدم نقل كلام ابن عبد البر في ذلك.
وتقدم بيان أن يحيى بن سعيد القطان قد نبه على أن الرفع محفوظ من حديث شعبة.
وقال أحمد بن حنبل: "رفعه عبد الرحمن، ويحيى لم يرفعه"، ثم قال: "حسبك بعبد الرحمن، هو ثقة ثقة ثقة"، قيل له: فرواه عن عبد الرحمن غير شعبة؟ قال: "ما علمت"، ثم قال: "قد رواه يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عمن صلى مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فهذا يشد ذاك"، قال ابن رجب في الفتح (٦/ ٣٩): "يريد: أنه يقوي رفعه".
وقال الترمذي في العلل (١٦٦) نقلًا عن البخاري قوله: "وحديث سهل بن أبي حثمة: هو حديث حسن، وهو مرفوع، رفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم".
وتصرف مسلم يدل على ترجيح الرفع، حيث إنه اقتصر على إخراج حديث شعبة