° قلت: هو حديث غريب في صفة صلاة الخوف، انفرد به ابن إسحاق، ولم يتابع عليه، ولا يُقبل منه مثل هذا، بقرينة عدم ضبطه لإسناد هذا الحديث ومتنه؛ فقد اختلف عليه في هذا الحديث:
أ - فرواه إبراهيم بن سعد [ثقة حجة، وهو أثبت الناس في ابن إسحاق]، وهياج بن بسطام [ضعيف، تركه جماعة، روى عنه ابنه خالد مناكير كثيرة. التهذيب (٤/ ٢٩٣)]:
عن ابن إسحاق، قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل -وكان يتيمًا في حجر عروة بن الزبير-، عن عروة بن الزبير، قال: سمعت أبا هريرة، ومروان بن الحكم يسأله عن صلاة الخوف، فقال أبو هريرة: كنت مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تلك الغزاة، قال: فصدع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس صدعين، قامت معه طائفة، وطائفة أخرى مما يلي العدو وظهورهم إلى القبلة، فكبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكبروا جميعًا الذين معه والذين يقاتلون العدو، ثم ركع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركعةً واحدةً، فركع معه الطائفة التي تليه، ثم سجد وسجدت الطائفة التي تليه، والآخرون قيام مقابلي العدو، ثم قام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأخذت الطائفة التي صلت معه أسلحتهم، ثم مشوا القهقرى على أدبارهم حتى قاموا مما يلي العدو، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلة العدو، فركعوا وسجدوا ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قائم كما هو، ثم قاموا، فركع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركعةً أخرى فركعوا معه، وسجد وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت تقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاعد ومن معه، ثم كان السلام، فسلم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وسلموا جميعًا، فقام القوم وقد شركوه في الصلاة.
ب - ورواه سلمة بن الفضل [الأبرش، وهو: ثبت في ابن إسحاق، وفي غيره يخطئ ويخالف. التهذيب (٢/ ٧٦)]، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، وأبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود، عن عروة بن الزبير، عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى نجد، حتى إذا كنا بذات الرقاع من نخل، لقي جمعًا من غطفان، فلم يكن بيننا قتال، إلا أن الناس قد خافوهم، ونزلت صلاة الخوف، فصدع أصحابه صدعين، فقامت طائفة مواجهة العدو، وقامت طائفة خلف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكبروا جميعًا، ثم ركع بمن خلفه، وسجد بهم، فلما قاموا مشوا القهقرى إلى مصافِّ أصحابهم، ورجع الآخرون، فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم قاموا فصلى بهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركعة وجلسوا، ورجع الذين كانوا مواجهين العدو، فصلوا الركعة الثانية، فجلسوا جميعًا، فجمعهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسلام، فسلم عليهم.
ج - ورواه يونس بن بكير [كوفي، صدوق]، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن أبي هريرة -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: صلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الخوف، فصدع الناس صدعين، فصلت طائفة خلف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وطائفة تجاه العدو، فصلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمن خلفه ركعةً وسجد بهم سجدتين، ثم قام وقاموا معه فلما استووا قيامًا، رجع الذين خلفه وراءهم القهقرى فقاموا وراء الذين بإزاء