كذا وقع عند النسائي، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم [هو: ابن راهويه]، قال: أخبرنا وكيع به بهذا اللفظ بتمامه.
لكن رواه أحمد وابن أبي شيبة، كلاهما عن وكيع به، فانتهيا إلى قوله: فقال حذيفة: أنا، قال أحمد بعدها: قال سفيان: فوصف مثل حديث ابن عباس وزيد بن ثابت.
وقال ابن أبي شيبة: قال: فصلى بالناس، قال سفيان: فذكر حديث ابن عباس وزيد بن ثابت.
هكذا بدون إتمام الحديث، وإنما بينا أن الثوري أحال على حديث ابن عباس وزيد بن ثابت، مما يدل على أن الثوري لما حدث وكيعًا بهذا الحديث لم يتمه، وإنما أحال لفظه، ولذلك فإن ابن أبي شيبة إنما أخرجه عقيب حديث ابن عباس من طريق ابن أبي الجهم، وحديث زيد بن ثابت، ويبدو أنه تحمل الأحاديث الثلاثة عن وكيع عن سفيان هكذا في سياق واحد، فقد بدأ بحديث ابن عباس فساقه بتمامه، ثم ثنى بحديث زيد ولم يتمه بل قال: قال سفيان: فذكر مثل حديث ابن عباس، ثم ثلث بحديث حذيفة، فأخرجها ابن أبي شيبة في كتابه دون أن يتصرف فيها، كما تحملها من وكيع عن سفيان، ومما يدل على ذلك أن أحمد نحا نحوه في هذا، فإنه لما أخرج حديث زيد في مسنده (٥/ ١٨٣) احتاج أن يسبقه بذكر حديث ابن عباس التام حتى يعقبه بحديث زيد المحال لفظه عليه، ثم لما أخرج حديث حذيفة هذا في مسنده (٥/ ٣٨٥) احتاج أن يسبقه بذكر حديث ابن عباس التام حتى يعقبه بحديث حذيفة المحال لفظه عليه، والله أعلم.
وأما ما وقع في سنن النسائي فإنما هو اجتهاد ممن أتمه على لفظ حديث ابن عباس أو زيد بن ثابت مرفوعًا، وإنما هو من فعل حذيفة موقوفًا، بدليل قوله في رواية ابن أبي شيبة: فصلى بالناس؛ يعني: حذيفة، فهو موقوف على حذيفة، لكن له حكم الرفع حيث بيَّن لهم بفعله صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخوف، كما هو ظاهر من السياق، والله أعلم.
وبذا تتفق رواية أصحاب الثوري عنه في هذا الحديث، حيث رواه موقوفًا من فعل حذيفة مبينًا به فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* تابع الثوري عليه: زائدة بن قدامة [ثقة متقن]، فرواه عن الأشعث [ابن أبي الشعثاء]، فذكر بإسناده مثله.
أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن (٣٨١).
* وحديث حذيفة هذا: حديث صحيح، رجاله ثقات مشهورون، وثعلبة بن زهدم: مختلف في صحبته، وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، واحتج به أبو دواد والنسائي وغيرهما.
* وروى إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وسفيان الثوري، وشريك بن عبد الله النخعي [واللفظ بتمامه لإسرائيل، وروى سفيان وشريك بعضًا منه أو مختصرًا]: