أحاديثه مناكير بأسانيد واضحة"، وساق له حديثًا، ثم قال: "هذا الحديث باطل موضوع، ورجال إسناده كلهم ثقات سوى محمد بن مسلمة، والذي قبله أيضًا منكر، ورجاله كلهم ثقات، رأيت هبة الله بن الحسن الطبري يضعف محمد بن مسلمة، وسمعت الحسن بن محمد الخلال يقول: محمد بن مسلمة: ضعيف جدًّا"، ونقل عن الدارقطني قوله: "لا بأس به" [تاريخ بغداد (٣/ ٣٠٧)، الميزان (٤/ ٤١)، اللسان (٥/ ٤٣٢)].
• والثاني: يرويه عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، عن أبي موسى، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الجوربين والنعلين.
أخرجه ابن ماجه (٥٦٠)، وأبو بكر الباغندي في ستة مجالس من أماليه (٩)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ٩٧)، والعقيلي (٣/ ٣٨٣)، والطبراني في الأوسط (٢/ ٢٤/ ١١٠٨)، والبيهقي (١/ ٢٨٥)، وابن الجوزي في التحقيق (١/ ٢٤٩/٢١٦).
قال أبو داود: "وليس بالمتصل، ولا بالقوي".
وفسره البيهقي بقوله: "الضحاك بن عبد الرحمن: لم يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سنان: ضعيف، لا يحتج به".
وقال نحوه البوصيري في مصباح الزجاجة (١/ ٨٠).
وقال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى".
و هذا من جهة المرفوع، وأما الموقوف من فعل الصحابة، فقد قال أبو داود: "ومسح على الجوربين: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس".
وزاد ابن المنذر: عمار بن ياسر، وأبا مسعود الأنصاري، وابن عمر، وبلالًا، وعبد الله بن أبي أوفى [انظر: الأوسط (١/ ٤٦٢)].
فهؤلاء أربعة عشر صحابيًّا، قال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ١٢١ - ١٢٣): "والعمدة في الجواز على هؤلاء - رضي الله عنهم -[يعني: جواز المسح على الجوربين]، لا على حديث أبي قيس، مع أن المنازعين في المسح متناقضون فإنهم لو كان هذا الحديث من جانبهم لقالوا: هذه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ولا يلتفتون إلى ما ذكروه هاهنا من تفرد أبي قيس، فإذا كان الحديث مخالفًا لهم أعلوه بتفرد راويه، ولم يقولوا: زيادة الثقة مقبولة، كما هو موجود في تصرفاتهم، والإنصاف: أن تكتال لمنازعك بالصاع الذي تكتال به لنفسك، فإن في كل شيء وفاءً وتطفيفًا، ونحن لا نرضى هذه الطريقة، ولا نعتمد على حديث أبي قيس، وقد نص أحمد على جواز المسح على الجوربين، وعلل رواية أبي قيس، وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة، وصريح القياس، فإنه لا يظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه، والمسح عليهما قول