للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "ويقال: إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن هو عالم بحال أبيه، متلقٍّ لآثاره من أكابر أصحاب أبيه، ... ، ولم يكن في أصحاب عبد الله من يُتَّهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة، فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه، وإن قيل: إنه لم يسمع من أبيه" [مجموع الفتاوى (٦/ ٤٠٤)].

فتحصل من مجموع هذه النقول وغيرها: احتجاج الأئمة بحديث أبي عبيدة عن أبيه، مع تصريحهم بأنه لم يسمع منه، وذلك لكونه أخذ هذه الأحاديث عن كبار أصحاب ابن مسعود، وأهل بيته، وليس فيهم مجروح، وأنه لم يرو فيها منكرًا.

• وقد وهم بعضهم في إسناده على أبي الزبير، وسلك فيه الجادة:

رواه أبو الأشعث [أحمد بن المقدام العجلي: ثقة]: ثنا محمد بن عبد الرحمن: ثنا أيوب [السختياني: ثقة ثبت]، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: شغل المشركون النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الظهر والعصر، فصلاهما بعد ما غربت الشمس.

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (١٣٦٩).

قلت: لعل الوهم فيه من محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، وهو: بصري، ليس به بأس، كما قال جماعة من الأئمة، وله أوهام ضُعِّف لأجلها؛ فقال فيه أبو زرعة: "منكر الحديث"، وقال مرة: "صدوق؛ إلا أنه يهم أحيانًا"، وقال فيه أبو حاتم: "ليس به بأس، صدوق صالح، إلا أنه يهم أحيانًا"، وقال مرة: "ضعيف الحديث" [التهذيب (٣/ ٦٣١)، الجرح والتعديل (٧/ ٣٢٤)].

* وله إسناد ثالث: رواه بشر بن الوليد، عن أبي يوسف، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن زبيد الأيامي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الله بن مسعود، قال: شغل المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، حتى ذهب ساعة من الليل، ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فأذن وأقام ثم صلى الظهر، ثم أمره فأذن وأقام فصلى العصر، ثم أمره فأذن وأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأذن وأقام فصلى العشاء.

أخرجه أبو يعلى (٥/ ٢٦٢٨/٣٩)، والخطيب في تاريخ بغداد (٤/ ٣٥٠).

قلت: نعم؛ لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من ابن مسعود، قاله شعبة [انظر: المراسيل (٣٨٢ و ٣٨٧)، تحفة التحصيل (١٧١)، وما تقدم في فضل الرحيم الودود (٩/ ٤٧٤/ ٨٦٨)]، لكن الشأن ليس في ذلك؛ فهو حديث منكر بهذا السياق، بذكر الأذان مع الإقامة مع كل صلاة، وقد تفرد به عن زبيد الأيامي: يحيى بن أبي أنيسة، وهو: متروك الحديث [التهذيب (٤/ ٣٤١)].

وأبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (٦/ ٣٦٨)، تاريخ بغداد (١٤/ ٢٤٢ - ٢٦٢)، صحيح ابن خزيمة (١/ ٢٦٥)، الإرشاد (٢/ ٥٦٩)، طبقات ابن سعد (٧/ ٣٣٠)] [وانظر في أوهامه مما تقدم معنا: الأحاديث (٣٠٠ و ٤٤٠)، وما قبل (٥٣٤)، وما قبل (١٠٢١)].

<<  <  ج: ص:  >  >>