رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وقال ابن الجوزي: "ما عرفنا له أصلًا"، وقال ابن العربي: "هو باطل"، وقال ابن قدامة: "هذا الحديث لا أصل له"، وكذا قال ابن تيمية، وقال ابن الملقن: "لا يُعرف"، الحاوي للماوردي (٢/ ١٦٠)، العلل المتناهية (١/ ٤٣٩)، المغني (١/ ٣٥٥)، الإمام لابن دقيق العيد (٣/ ٥٩٨)، شرح العمدة (٤/ ٢٤٦)، المنار المنيف (٢٧٦)، التوضيح (٦/ ٢٨٤)، الفتح لابن رجب (٣/ ٣٦٦)، التلخيص (١/ ٢٧٢)، وغيرها].
° والحاصل: فإنه لا يصح حديث في اشتراط الترتيب، بل ولا يصح حديث صريح في إيجاب الترتيب، وإنما الصحيح هو مجرد فعله - صلى الله عليه وسلم - في قضاء الفوائت مرتبةً، الأولى فالأُولى، كما جاء ترتيبها في القرآن، وفي السُّنَّة الصحيحة، مؤيدًا بعموم ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" [وهو حديث صحيح من حديث مالك بن الحويرث، راجع الحديث رقم (٥٨٩)(٦/ ٥٤٤ - فضل الرحيم)]، وهو وإن كان أصله في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن في بعض طرقه في الصحيح تعليم الأوقات [ففي صحيح البخاري (٦٨٥): "لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم، مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا"، وفي رواية أخرى من نفس المخرج (٦٠٠٨): "ارجعوا إلى أهليكم، فعلموهم ومروهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي"، وانظر أيضًا:(٧٢٤٦)]، فيدخل في عموم الأمرِ قضاءُ الفوائت مرتبةً كما أمروا بها في أوقاتها، وكما فعل - صلى الله عليه وسلم - في صلاتها مرتبة في غزوة الخندق، ولأن أحكام الصلاة مبناها على التوقيف، وعلى هذا فإن الأقرب هو القول بوجوب ترتيب الفوائت، لكن ليس مع من أبطل صلاة من خالف الترتيب لأجل إدراك الحاضرة في الجماعة نص صريح صحيح، ولا لمن ذكر فائتة في أثناء حاضرة، ومما يستشهد به في هذا المعنى:
حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة" [تقدم برقم (١٢٦٦)، وهو حديث صحيح].
وحديث ابن عمر؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصلوا صلاة في يوم مرت" [تقدم برقم (٥٧٩)(٦/ ٥٠٠ - فضل الرحيم)، وهو حديث صحيح].
ومن جعل الترتيب شرطًا؛ فإنه أسقطه بالنسيان، وخوف فوت الوقتية الحاضرة، وأن تزيد على خمس، ولا يسقط الشرط بمثل ذلك، فتعين القول بالوجوب أو الندب، والقول بالوجوب أقرب إلى معاني الشريعة ومقاصدها، وهو قول الأكثر، والله أعلم [انظر: مسائل عبد الله (١٩٩)، مسائل أبي داود (٣٤٤ و ٣٤٦)، مسائل ابن هانئ (٣٦٥)، مسائل الكوسج (١٢٣)، مسائل حرب الكرماني (٤٨٢ و ٤٨٣)].
قال النووي في المجموع (٣/ ٧٧) بعد أن ضعف أدلة الخصوم: "واحتج أصحابنا بأحاديث ضعيفة أيضًا، والمعتمد في المسألة أنها ديون عليه؛ فلا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر، وليس لهم دليل ظاهر، ولأن من صلاهنَّ بغير ترتيب فقد فعل الصلاة التي أُمر بها، فلا يلزمه وصف زائد بغير دليل ظاهر، والله أعلم"، قلت: تقدم بيان الدليل، والله أعلم.