وهذا حديث باطل؛ عبد الكريم بن أبي المخارق، أبو أمية البصري: مجمع على ضعفه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله:"ضعيف"، وفي رواية أبي طالب:"ليس هو بشيء، شبه المتروك" [التهذيب (٢/ ٦٠٣)، الميزان (٢/ ٦٤٦)، الجرح والتعديل (٦/ ٦٠)]، ويمان بن المغيرة: منكر الحديث، يروي مناكير لا أصول لها، ويروي بهذا الإسناد أحاديث أنكرت عليه، وقد تفرد به عن ابن أبي المخارق [انظر: الميزان (٤/ ٤٦٠)، التهذيب (٤/ ٤٥٢)].
* والحاصل: فإنه لا يثبت في سنة العصر القبلية حديث.
وقد ثبت عن جماعة أنهم كانوا لا يصلون شيئًا قبل العصر [انظر مثلًا: مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٠ و ٢١/ ٥٩٨٥ - ٥٩٨٩)]:
* ومن ذلك مثلًا: ما رواه زهير بن معاوية: ثنا أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: كانت صلاة عبد الله من النهار: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، ولا يصلي قبل العصر، ولا بعدها.
أخرجه الطبراني في الكبير (٩/ ٢٨٦/ ٩٤٤١)، بإسناد صحيح إلى زهير.
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد جيد، وقد تقدم ذكره في الأدلة على ثبوت الزيادة التفسيرية في حديث أم حبيبة المتقدم برقم (١٢٥٠).
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٣/ ١٢٣ - المجموع) لما سئل عن سنة العصر: هل ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها حديث؟ والخلاف الذي فيها ما الصحيح منه؟
فأجاب:"الحمد لله؛ أما الذي صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فحديث ابن عمر: حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، وفي الصحيح أيضًا: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعًا بنى الله له بيتًا في الجنة"، وجاء في السنن تفسيره: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، وثبت عنه في الصحيح: أنه قال: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة"، ثم قال في الثالثة: "لمن شاء"، كراهية أن يتخذها الناس سنة، ففي هذا الحديث أنه يصلي قبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء، وقد صح: أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يصلون بين أذان المغرب وإقامتها ركعتين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يراهم فلا ينهاهم، ولم يكن يفعل ذلك، فمثل هذه الصلوات حسنة، ليست سنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كره أن تتخذ سنة، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء، فلا تتخذ سنة، ولا يكره أن يصلى فيها؛ بخلاف ما فعله ورغب فيه، فإن ذلك أوكد من هذا، وقد روي: أنه كان يصلي قبل العصر أربعًا، وهو ضعيف، وروي: أنه كان يصلي ركعتين، والمراد به الركعتان قبل الظهر، والله أعلم".