وهذا حديث قد اضطرب فيه يزيد بن أبي زياد الكوفي، وهو في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقِّن تلقن، فهو: ليس بالقوى؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (٩/ ٣٤٤)، الميزان (٤/ ٤٢٣)، وقد تقدم الكلام عليه مرارًا]، وقد توبع على بعض هذا المتن دون بعض.
٦ - وروي من وجه آخر: عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: صلى معاوية بالناس العصر، فالتفت، فإذا أناس يصلون بعد العصر، فدخل ودخل عليه ابن عباس وأنا معه، فأوسع له معاوية على السرير، فجلس معه، قال: ما هذه الصلاة التي رأيت الناس يصلونها؟ ... فذكر الحديث بمعنى حديث يزيد بن أبي زياد؛ إلا أنه وهم في جعل الحديث من مسند عائشة، وإنما هو من مسند أم سلمة، وأن التي صلى في بيتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأول مرة قضاء هي أم سلمة، وليست عائشة، وإلا لما أحالت عليها.
أخرجه أحمد (٦/ ١٨٣)، قال: حدثنا علي بن عاصم [الواسطي: كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم. التهذيب (٣/ ١٧٣)، الميزان (٣/ ١٣٥)، إكمال مغلطاي (٩/ ٣٥٠)]، قال: أخبرنا حنظلة السدوسي، عن عبد الله بن الحارث به. [المسند المصنف (٣٧/ ٢١٣/ ١٧٨٤٧)].
قلت: هو حديث منكر بهذا السياق، والمعروف من مسند أم سلمة، والوهم فيه عندي من حنظلة السدوسي؛ فإنه: ضعيف، اختلف في اسم أبيه، قال أحمد:"منكر الحديث، يحدث بأعاجيب"، وقال مرة:"ضعيف الحديث، يروي عن أنس أحاديث منكرة"، وكان قد اختلط، ولم يتميز حديثه [التهذيب (١/ ٥٠٥)، ضعفاء العقيلي (١/ ٢٨٩)، الجرح والتعديل (٣/ ٢٤٠)، المجروحين (١/ ٢٦٧)، الكواكب النيرات (١٥)].
وقد اضطرب فيه حنظلة هذا: فرواه عبد الوارث بن سعيد، وعبد الله بن المبارك، وعباد بن العوام، وصالح بن عمر الواسطي [وهم ثقات]:
عن حنظلة السدوسي، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: صلى بنا معاوية بن أبي سفيان صلاة العصر، فأرسل إلى ميمونة، ثم أتبعه رجلًا آخر، فقالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجهز بعثًا، ولم يكن عنده ظهر، فجاءه ظهر من الصدقة، فجعل يقسمه بينهم، فحبسوه حتى أرهق العصر، وكان يصلي قبل العصر ركعتين، أو ما شاء الله، فصلى، ثم رجع، فصلى ما كان يصلي قبلها، وكان إذا صلاةً أو فعل شيئًا يحب أن يداوم عليه.
وفي رواية عباد بن العوام، وصالح بن عمر، عن حنظلة السدوسي، قال: نا عبد الله بن الحارث، قال: حدثتني ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي قبل العصر ركعتين. وفي رواية ابن المبارك [عند أحمد]: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتته ركعتان قبل العصر فصلاهما بعدُ.
أخرجه أحمد (٦/ ٣٣٣ و ٣٣٤)، وأبو يعلى (١٢/ ٥١٨/ ٧٠٨٥) و (١٣/ ٢٨/ ٧١١١)،