للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، فدلت الأخبار الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن النهي إنما وقع في ذلك على وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، فمما دل على ذلك حديث علي بن أبي طالب وابن عمر وعائشة - رضي الله عنهم -، وهي أحاديث ثابتة بأسانيد جياد، لا مطعن لأحد من أهل العلم فيها".

وقال أيضًا (٢/ ٣٩٠): "فإذا جاز أن يتطوع بعد العصر بركعتين؛ جاز أن يتطوع المرء ما شاء من التطوع إذا اتقى الأوقات التي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التطوع فيها يعني: وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت الظهيرة، قال ابن رجب في الفتح (٣/ ٢٧٨): "واختار ابن المنذر أن أوقات النهي ثلاثة: وقت الطلوع، ووقت الغروب، ووقت الزوال خاصة وسبقه إلى حكاية ذلك عن ابن المنذر أيضًا: ابن قدامة في المغني (١/ ٤٢٨).

قلت: ما ذهب إليه البيهقي وغيره في الجمع بين النصوص وإعمالها جميعًا أولى من قول ابن المنذر؛ فإنه متى أمكن إعمال الأدلة والجمع بينها كان أولى من إعمال بعضها وإهمال البعض الآخر، فالإعمال أولى من الإهمال متى أمكن ذلك، وللنووي في الجمع بينها كلام لطيف، حيث قال النووي في الجمع بين حديث عمر الآتي [برقم (١٢٧٦)] وبين حديث عائشة في توهيم عمر: "ويجمع بين الروايتين، فرواية التحري محمولة على تأخير الفريضة إلى هذا الوقت، ورواية النهي مطلقًا محمولة على غير ذوات الأسباب" [شرح مسلم (٦/ ١١٩)، وانظر: المجموع (٤/ ١٥٤)].

وانظر أيضًا: المجموع شرح المهذب (٤/ ١٥٥)، شرح فتح القدير (١/ ٢٣٧).

° تنبيه: يحمل فعل من صلى الركعتين بعد العصر من الصحابة على حال المجتهد المخطئ، وأنه مأجور في ذلك:

وفي هذا المعنى يقول ابن تيمية في بيان حكم خطأ المجتهد: "وحقيقة الأمر: أنه إذا كان فيها نص خفي على بعض المجتهدين وتعذر عليه علمه، ولو علم به لوجب عليه اتباعه؛ لكنه لما خفي عليه اتبع النص الآخر وهو منسوخ أو مخصوص: فقد فعل ما وجب عليه بحسب قدرته؛ كالذين صلوا إلى بيت المقدس بعد أن نسخت، وقبل أن يعلموا بالنسخ، وهذا لأن حكم الخطاب لا يثبت في حق المكلفين إلا بعد تمكنهم من معرفته في أصح الأقوال، ... ثم قال: "وإذا كان كذلك: فما لم يسمعه المجتهد من النصوص الناسخة أو المخصوصة فلم تمكنه معرفته فحكمه ساقط عنه، وهو مطيع لله في عمله بالنص المنسوخ والعام ولا إثم عليه فيه إلى أن قال: "ففي الجملة: الأجر هو على اتباعه الحق بحسب اجتهاده؛ ولو كان في الباطن حقٌّ يناقضه هو أولى بالاتباع لو قدر على معرفته؛ لكن لم يقدر، فهذا كالمجتهدين في جهات الكعبة، وكذلك كل من عبد عبادة نهي عنها، ولم يعلم بالنهي - لكن هي من جنس المأمور به -، مثل: من صلى في أوقات النهي وبلغه الأمر العام بالصلاة، ولم يبلغه النهي، أو تمسك بدليل خاص مرجوح، مثل صلاة جماعة من السلف ركعتين بعد العصر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاهما إلى أن قال: "فهذا يغفر له

<<  <  ج: ص:  >  >>