للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وترسله أخرى، وكانت ترى مداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما، فكانت تحكي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أثبتها، قالت: وكان إذا صلى صلاة أثبتها، وقالت: ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين عندي بعد العصر قط، وكانت ترى أنه كان يصليها في بيوت نسائه، ولا يصليها في المسجد مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحب ما خفف عنهم، فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه بإثباتها؛ لا إلى أصل القضاء".

وقال ابن الملقن في التوضيح (١١/ ٤٤٢): "الصحيح: أن المداومة عليهما في هذه الحالة كانت من خصائصه، وقال ابن التين: انفرد داود من بين الفقهاء، فقال: لا بأس بالنافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس، والنصوص ترده".

* والحاصل: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان مداومًا على ركعتين بعد الظهر، ولم يمكنه أداؤهما في وقتهما بعد صلاة الظهر، قضاهما بعد العصر، للأصل السابق ذكره، والأمة في هذا تتأسى به - صلى الله عليه وسلم -؛ إلا أنه لما كان من عادته أنه إذا عمل عملًا أثبته، وكان ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، فقد أثبت هاتين الركعتين في هذا الوقت الجديد، ولم تتأس الأمة به في ذلك لاختصاصه به دونهم، وإن كان بعض الصحابة رأى جواز التأسي به في المداومة عليها، وخالفوا غيرهم، ممن هم أعلم منهم من الصحابة ممن رأى عدم جواز التأسي به في ذلك، مثل: عمر بن الخطاب؛ حتى إنه كان يضرب الناس على ذلك، وفهمُ عمر في هذا مقدَّم على فهم غيره، فقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الرشدَ في طاعة أبي بكر وعمر، بل علق حصول الرشد بطاعتهما، فقال: "إن يطعِ الناسُ أبا بكر وعمر يرشدوا" [تقدم برقم (٤٤١) وقال في عمر خاصة: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدَّثون، فإن يك في أمتي أحدٌ، فإنه عمر" [صحيح البخاري (٣٤٦٩ و ٣٦٨٩)].

كذلك فإن حديث أم سلمة يدل على إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - لها على بقاء المنع من الصلاة بعد العصر؛ إلا ما خصه الدليل، مثل قضاء نافلة راتبة، أو فريضة فائتة، أو نحو ذلك مما جاء النص عليه بدليل خاص، ولو كان النهي عن الصلاة بعد العصر قد نسخ، أو خصص بما إذا كانت الشمس مرتفعة بيضاء نقية، قبل أن تصفر؛ لما تأخر البيان عن موضع الحاجة، والله أعلم.

ومن أهل العلم من رأى أن صلاة الركعتين بعد العصر تخصص عموم أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر، واستدل لذلك أيضًا بحديث علي بن أبي طالب مرفوعًا: "لا تصلوا بعد العصر؛ إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة" [وهو حديث شاذ]، وكذلك احتج بحديث قيس بن عمرو في قضاء ركعتي نافلة الصبح بعد الصلاة [وهو حديث ضعيف]، على تخصيص عموم أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح.

قال ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٣٨٨): "قد ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنهيه عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، فكان الذي يوجبه ظاهر هذه الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوقوف عن جميع الصلوات بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>