للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولفظ زهير: أن عليًا صلى وهو منطلق إلى صفين العصر ركعتين، ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين، فلم أره صلاها بعدُ [وفي هذه الرواية ما يشعر بأنه صلاها لحاجة في نفسه؛ كالاستنصار بها على عدوه، ونحو ذلك، والله أعلم].

أخرجه الشافعي في الأم (٨/ ٤٠٥/ ٣٣٠٤)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٣٤/ ٧٣٥٢)، وابن المنذر في الأوسط (٢/ ٣٩٣/ ١٠٩٥)، والبيهقي (٢/ ٤٥٩).

وذكر الطحاوي في المشكل خلاف ما تقدم عن علي؛ بما روي عن علي بن أبي طالب؛ أنه سبح بعد العصر ركعتين في طريق مكة، فرآه عمر فتغيَّظ عليه، ثم قال: أما والله لقد علمتَ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها.

تقدم تخريجه تحت الحديث السابق في طرق حديث عمر في ضرب الناس على صلاة الركعتين بعد العصر، الطريق رقم (١٩)، وهو لا بأس به.

وصلاة علي بن أبي طالب في هذين الموضعين أمر عارض، بدليل أنه لم يكن يداوم على هذه الصلاة، وكلا الموضعين كان في السفر، فهو محتمل للتأويل، ولا يعارض بمثل هذا نقله الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي على إثر كل صلاة مكتوبة ركعتين؛ إلا الفجر والعصر، وعلي أولى بالامتثال بما يرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

° قال الشافعي: "وهذه الأحاديث يخالف بعضها بعضًا؛ إذا كان علي يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلى بعد العصر ولا الصبح؛ فلا يشبه هذا أن يكون صلى ركعتين بعد العصر، وهو يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصليهما".

يعني: أن عليًا لم يكن ليخالف ما رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وإنما يحمل فعله على أمر عارض اقتضى أن يصلي له هذه الصلاة، والله أعلم.

وقال البيهقي في المعرفة (٢/ ٢٨٠): "يحتمل أن يكون في ركعتين كان يفعلهما، فتركهما، ثم قضاهما، كما روينا في ذلك عن أم سلمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

قلت: قد صح النهي عن الصلاة بعد العصر بإطلاق وبدون هذا القيد الوارد في حديث وهب بن الأجدع عن علي، حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صَلاةَ بَعدَ صلاة الصبح حتى تَطلُعَ الشمسُ، ولا صَلاةَ بَعدَ صلاةِ العصرِ حتى تَغرُبَ الشمسُ"، فقد صح ذلك من حديث عمر بن الخطاب [عند الشيخين]، وحديث أبي سعيد الخدري [عند الشيخين]، وحديث أبي هريرة [عند الشيخين]، ومن حديث جماعة غيرهم من الصحابة [ويأتي تخريجها بشواهدها عند الحديث رقم (١٢٧٦)].

فكيف تعارض هذه الأحاديث الصحيحة المتكاثرة المتواترة بحديث ينفرد به وهب بن الأجدع عن علي بن أبي طالب، ثم هو يخالَف فيه عن علي نفسه، فيروي صاحب علي المكثر عنه، وهو عاصم بن ضمرة، عن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي في إثر كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ ركعتينِ؛ إلا الفجرَ والعصرَ، فكل هذه القرائن تجعل النفس تتوقف عن قبول خبر وهب بن الأجدع عن علي، لا سيما ووهب هذا: لم يكن مكثرًا من الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>