للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشيخ الطبراني: علي بن سعيد بن بشير الرازي: قال الدارقطني: "ليس في حديثه كذاك، ... ، قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها، في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر" وأشار بيده، وقال: "هو كذا وكذا"، كأنه ليس هو بثقة [سؤالات السهمي (٣٤٨)] [وانظر: الميزان (٣/ ١٣١)، اللسان (٤/ ٢٦٥)].

أما زيادة قرة بن عبد الرحمن المعافري المصري [وهو: ضعيف] في الإسناد: فلا تعرف إلا من طريق رشدين بن سعد، وهو: ضعيف أيضًا.

قال الألباني في السلسلة الضعيفة (٣/ ٤٧٨/ ١٣١٢): "فالحديث الفعلي: حسن بمجموع الطريقين عن عقيل، واختلاف ابن لهيعة وابن سعد في إسناده لا يضر؛ لأنه على كل حال مسند، فإن أسامة بن زيد صحابي كأبيه، وأما الحديث القولي: فمنكر، والله أعلم".

وقال في الصحيحة (٢/ ٥١٩/ ٨٤١): "وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة، فهو ضعيف لسوء حفظه، لكن تابعه رشدين عند أحمد وابنه (٥/ ٢٥٣)، والدارقطني، وهو ابن سعد، وهو في الضعف مثل ابن لهيعة، فأحدهما يقوي الآخر، لا سيما وله شاهد ... ".

قلت: ابن لهيعة ورشدين بن سعد: ضعيفان؛ فكيف يحتمل منهما التفرد بهذا الإسناد الصحيح، دون أصحاب عقيل بن خالد الثقات، ولم يروه عن الزهري سوى عقيل بن خالد، وهو ثقة من أصحاب الزهري.

وكنت أرى أن الخطب فيه يسير حتى رأيت أبا حاتم الرازي لما سأله ابنه عن هذا الحديث فقال: "هذا حديث كذب باطل" [العلل (١/ ٤٦/ ١٠٤)].

فبحثت له عن علة، فما وجدت له سوى تفرد هذين الضعيفين بهذا الإسناد الصحيح.

ثم وجدت علة أخرى، فإن ابن عبد البر لما ذكر قول ابن إسحاق في التمهيد (٨/ ٥٢): "ثم إن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افترضت عليه الصلاة -يعني: في الإسراء- فهمز له بعقبه في الوادي، فانفجرت عين ماء مزن، فتوضأ جبريل، ومحمد ينظر، فوضأ وجهه، واستنشق ومضمض، ومسح برأسه وأذنيه، ورجليه إلى الكعبين، ونضح فرجه، ثم قام يصلي ركعتين، وأربع سجدات ... ".

قال ابن عبد البر: "وأما قوله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ حينئذ، وأن جبريل نزل عليه يومئذ بالوضوء، فإنما أخذه -والله أعلم- من حديث زيد بن حارثة"، ثم أسنده من طريق ابن لهيعة.

والمحفوظ من حديث عدد من الصحابة أن جبريل عليه السلام إنما نزل ليعلمه المواقيت، ليس فيه ذكر الوضوء ونضح الفرج [انظر: صحيح البخاري (٥٢١ و ٣٢٢١ و ٤٠٠٧)، مسلم (٦١٠)، التمهيد (٣/ ٣٥٤ - ٣٦٤) فليراجع].

فلعله لهذا المعنى قال أبو حاتم: "هذا حديث كذب باطل"، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>