للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل ابن رجب يشير في هذا إلى ما رواه إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٢٠)، قال: "قلت: الصلاة بعد العصر؟ قال: لا يصلى بعد العصر إِلَّا صلاة فائتة، أو على الجنازة، إلى أن تُطفَّل الشمس للغيبوبة.

قال إسحاق: كما قال؛ لأن العصر لا يكون بعده سنة ولا تطوع، ولكن يصلي بعده الفوائت والجنائز، وإن كان كسوفًا صليت؛ لأنها فائتة".

وقال أيضًا (٢٩٩ و ٣٠٠): "قلت: هل يقضى شيء من التطوع؟ قال: أما النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقد قضى الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد الظهر، قضاهما بعد العصر.

قال إسحاق: كما قال.

قلت: إذا فاتته الركعتان قبل الفجر متى يصليهما؟ فقال: يصليهما من الضحى.

قال: إسحاق كما قال".

وفي مسائل حرب الكرماني (٤٤٨ - ٤٤٩/ ط. الريان): "وكره أحمد أن يسجد الرجل بعد صلاة العصر وبعد الفجر، ... ، وسمعت إسحاق يقول: إن قرأ السجدة بعد صلاة الفجر لم يسجد حتى تطلع الشمس، وإن قرأها بعد العصر إذا ضافت الشمس للغروب ولم يبق من الشمس قدر ما يصلي ركعة، أخَّر ذلك حتى تغيب الشمس".

وانظر ما روي في ذلك عن الصحابة في كراهية سجود التلاوة بعد الفجر وبعد العصر: مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٣٧٦ - ٣٧٧)، الأوسط لابن المنذر (٥/ ٢٧٣ - ٢٧٤)، فضائل القرآن للمستغفري (٢/ ٨٦٠/ ١٤٠٦).

وانظر: مسائل عبد الله بن أحمد (٤٧).

وقد عزا ابن المنذر القول بعدم قضاء الفوائت من الفرائض في هذين الوقتين المضيقين؛ بل فجر يومه، وعصر يومه؛ إلى: أبي بكرة، وكعب - حسبه: ابن عجرة -، وذلك في تأخير صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس، وتأخير العصر حين تضيفت للغروب حتى غابت [الأوسط (٢/ ٤٠٨)].

وقال محمد بن رشد: "النهيُ عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس: نهيُ ذريعة، وإنما حقيقة الوقت المنهي عن الصلاة فيه: عند الطلوع وعند الغروب، ألا ترى أن رجلين لو كان أحدهما قد صلى العصر والثانى لم يصلّها؛ لجاز للذي لم يصلِّ العصر أن يتنفل، ولم يجز ذلك للذي صلى، والوقت لهما جميعًا وقت واحد، فإنما نهى الذي صلى العصر عن الصلاة بعد العصر حمايةً للوقت المنهي عن الصلاة فيه؛ لأن الصلاة فيه حرام" [البيان والتحصيل (١٨/ ١٤٧)].

وقال النووي في الجمع بين حديث عمر وبين حديث عائشة في توهيم عمر: "ويجمع بين الروايتين، فرواية التحري محمولة على تأخير الفريضة إلى هذا الوقت، ورواية النهي مطلقًا محمولة على غير ذوات الأسباب" [شرح مسلم (٦/ ١١٩)].

وانظر مثلًا: مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٤١٣/ ٤٧٥١ - ٤٧٥٦)، المدونة (١/ ١٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>