للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرجه البخاري (١٦٢٨).

قال البيهقيّ: كانت عائشة - رضي الله عنها - أباحت ركعتي الطواف بعد صلاة الفجر، وكرهتهما عند طلوع الشمس، والله أعلم.

وكان ابن سيرين قد نظر لهذا المعنى في التفريق بين هذين الوقتين وبين الأوقات الثلاثة الأخرى، حين قال: تكره الصلاة في ثلاث ساعات، وتحرم في ساعتين، قال: تكره بعد العصر، وبعد الصبح حتى ترتفع قيد نخلة، ونصف النهار في شدة الحر، وتحرم ساعتين: حين يطلع قرن الشيطان حتى يستوي طلوعها، وحين تصفر حتى يستوي غروبها، فإنها تغرب في قرن شيطان، وتطلع في قرن شيطان [أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٤٢٧/ ٣٩٥٦ و ٣٩٥٧) بإسناد صحيح عن ابن سيرين. وأخرج بعضه ابن أبي شيبة (٢/ ١٣٢/ ٧٣٣٥)].

ومع كون الشافعي نقل الإجماع على صلاة الجنازة في أوقات النهي؛ فإن أحمد قد منع منها في هذين الوقتين المضيقين، ففي مسائل أبي داود (١٠٣٤ - ١٠٣٦): "سئل عن الصلاة على الجنازة عند غروب الشمس؛ قال: إذا تدلت الشمس للغروب فلا يصلى عليها"، قيل لأحمد: "الشمس على الحيطان مصفرة؛ قال: يُصلَّى عليها ما لم تدلى للغروب"، ثم قال: "سمعت أحمد قال: الذي أختار أن لا يصلَّى على الجنازة إذا صلوا الصبح حتى تطلع الشمس".

وقال الترمذي (١٠٣٠) عن حديث عقبة بن عامر: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: يكرهون الصلاة على الجنازة في هذه الساعات.

وقال ابن المبارك: معنى هذا الحديث: أن نقبر فيهن موتانا؛ يعني: الصلاة على الجنازة، وكره الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وإذا انتصف النهار حتى تزول الشمس، وهو قول أحمد، وإسحاق.

قال الشافعي: لا بأس في الصلاة على الجنازة في الساعات التي تكره فيهن الصلاة".

وكأن ابن رجب التفت إلى هذا المعنى من كلام الإمام أحمد، حيث قال في الفتح (٣/ ٣٢٠): "والمشهور عند أكثر أصحابنا: أن الحكم يتعدى إلى قضاء جميع السنن والرواتب في جميع أوقات النهي، وفعل جميع ذوات الأسباب فيها؛ كصلاة الكسوف وتحية المسجد، وحكوا في جواز ذلك كله روايتين عن أحمد في جميع أوقات النهي.

ولو قيل: إن الخلاف مختص بالوقتين الطويلين، دون الأوقات الثلاثة الضيقة؛ لكان أقرب. ولا يعرف لأحمد نص بجواز شيء من ذلك في الأوقات الضيقة.

هذا، والتفريق هو قول إسحاق بين راهويه، وهو متوجه. والمشهور عن أحمد: أن ذلك لا يفعل في أوقات النهي، وأن سنة الفجر إنما تقضى بعد طلوع الشمس.

حتى نقل عبد الله بن أحمد، أنه سأل أباه، فقال له: حُكيَ عنك أنك تقول: يصليهما إذا فرغ من الصلاة؟ فقال: ما قلت هذا قط".

<<  <  ج: ص:  >  >>