أربعتهم: عن سفيان الثوري، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم فتح مكة صلى الصلوات كلها بوضوء واحد. ليس فيه قصة عمر، واللفظ لوكيع.
ولفظ معتمر: ... فإنه شغل، فجمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد.
ولفظ عبد الرزاق: فصلى الظهر والعصر والمغرب بوضوء واحد.
ولفظ معاوية: فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد.
أخرجه ابن ماجه (٥١٠)، وابن خزيمة (١٣ و ١٤)، وابن حبان (٤/ ٦٠٧/ ١٧٠٧)، وعبد الرزاق (١/ ٥٤/ ١٥٧)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٤/ ٢٩٨)، والروياني (٦٨)، وابن جرير الطبري (٤/ ٤٥٣ و ٤٥٤/ ١١٣٣٤ و ١١٣٣٧)، وابن شاهين في الناسخ (٨٨).
٣ - وخالفهم: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين [وهؤلاء الثلاثة هم أثبت الناس في الثوري]:
فرووه عن الثوري، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ ... الحديث. هكذا مرسلًا بدون ذكر بريدة بن الحصيب في الإسناد.
أخرجه أحمد في العلل (٣/ ٦٤/ ٤١٨٨)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (٤١)، وابن جرير الطبرى (٤/ ٤٥٤/ ١١٣٣٥)، وذكره ابن أبي حاتم في العلل (١/ ٥٨/ ١٥٢).
ومن هذا السرد يظهر أن لسفيان الثوري في هذا الحديث شيخين: علقمة بن مرثد ومحارب بن دثار، فإن قيل: ألا نرجح رواية الجماعة فهم أكثر عددًا (٢٠)؟ فيقال: قد روى الحديث عن الثوري بالإسنادين أثبت أصحابه: القطان وابن مهدى ووكيع، وتابعهم عبد الرزاق ومعاوية بن هشام، فهؤلاء خمسة من أصحاب الثوري: رووه مرة عن الثوري عن علقمة بن مرثد، ومرة عن الثوري عن محارب بن دثار، مما يدل على أن كلا الوجهين محفوظ عن الثوري، وأنه كان له فيه شيخان؛ والثوري إمام حافظ مكثر جدًّا، يحتمل من مثله هذا التعدد في الأسانيد.
هذا من جهة ثبوته عن محارب بن دثار، وأما من جهة الاختلاف على الثوري في إسناد محارب هذا، فالمحفوظ: المرسل؛ ذلك أن الذين أرسلوه أحفظ وأثبت وأتقن، وهم أحفظ لحديث الرجل، وبه ألصق من غيرهم، فهم أثبت الناس فيه، وأعلم بحديثه من هؤلاء الذين وصلوه وإن كان لهم جلالة قدرًا.
قال عبد الله بن أحمد في العلل: "حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا سفيان في حديث محارب، عن سليمان بن بريدة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، يعني: في حديث يوم فتح مكة أنه صلى الصلوات بوضوء واحد، وقال وكيع: عن أبيه. فقال يحيى: هو مرسل".
فهذا ثبات من يحيى بن سعيد القطان على روايته المرسلة، وأنه هو هكذا عند سفيان الثوري، وأن وكيع بن الجراح وهم في وصله.