ولما سئل أبو زرعة عن رواية أبي نعيم المرسلة ورواية وكيع المتصلة؟ رجح المرسل، فقال: "حديث أبي نعيم: أصح" [علل ابن أبي حاتم (١/ ٥٨ - ٥٩/ ١٥٢)].
وقال أبو بكر ابن خزيمة: "لم يسند هذا الخبر عن الثوري أحد نعلمه غير المعتمر ووكيع، ورواه أصحاب الثوري غيرهما: عن سفيان، عن محارب، عن سليمان بن بريدة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان المعتمر ووكيع مع جلالتهما حفظا هذا الإسناد واتصاله؛ فهو خبر غريب غريب" [الصحيح (١/ ١٠)].
وقال الترمذي في المرسل: "وهذا أصح من حديث وكيع".
قلت: ومرسل محارب لا يعل موصول علقمة بن مرثد.
ومما ينبغي التنبيه عليه: أن علي بن قادم [وهو كوفي صدوق] قد خالف هذا الجمع الكثير وهؤلاء الأئمة المقدَّمين في الثوري، فزاد في روايته، وشذ بهذه الزيادة حيث قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ومسح على الخفين، وصلى الصلوات كلها بوضوء واحد، فزاد: مرة مرة.
أخرجه البيهقي (١/ ٢٧١)، وأشار إليه الترمذي.
• وقد روي حديث بريدة من غير طريق الثوري:
رواه عمرو بن قيس الملائي وقيس بن الربيع:
كلاهما عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه به، بدون قصة عمر.
أخرجه الطيالسي (٨٤٢)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (٢٠٨١)، والطبراني في الأوسط (٤/ ٢٢١/ ٤٠٣٢)، وابن شاهين في الناسخ (٨٩).
• وقد روي بإسناد واهٍ من حديث ابن عمر:
رواه الحكم بن ظهير [متروك، كذبه ابن معين]، عن مسعر، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد.
أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١٣٣٨)، وابن عدي في كامله (٢/ ٢٠٩).
وهذا باطل بهذا الإسناد.
وأما حديث بريدة: فصحيح متصل ثابت؛ صححه مسلم والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والبغوي والحازمي وغيرهم.
وقد روي معناه في حديث جابر:
يرويه زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي: حدثنا الفضل بن مبشر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد، فقلت: ما هذا؟! فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هذا فأنا أصنع كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه ابن ماجه (٥١١)، وابن جرير الطبري (٤/ ٤٥٢/ ١١٣٢١).
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (١/ ٧٣): "هذا إسناد ضعيف، الفضل بن مبشر: ضعفه الجمهور".