فرواية هؤلاء الثلاثة مقدمة بلا شك على رواية معاوية بن صالح، وعليه فمعقل: ثقة عند ابن معين.
أضف إلى هذا أن علي بن المديني قال فيه: "كان معقل ثقة عند أصحابه" [سؤالات ابن أبي شيبة (٢٥٦)].
وأما قول ابن حبان في الثقات (٧/ ٤٩٢): "كان يخطئ، ولم يفحش خطؤه فيستحق الترك" كذا نقله في التهذيب واقتصر عليه [التهذيب (٨/ ٢٧٢)].
ولو أنه أكمل كلامه لظهر المقصود حيث يقول ابن حبان: "وإنما كان ذلك منه على حسب ما لا ينفك منه البشر، ولو ترك حديث من أخطأ من غير أن يفحش ذلك منه، لوجب ترك حديث كل محدث في الدنيا؛ لأنهم كانوا يخطئون ولم يكونوا بمعصومين، بل يحتج بخبر من يخطئ ما لم يفحش ذلك منه، فإذا فحش حتى غلب على صوابه ترك حينئذ، ومتى ما علم الخطأ بعينه، وأنه خالف فيه الثقات ترك ذلك الحديث بعينه، واحتج بما سواه، هذا حكم المحدثين الذين كانوا يخطئون ولم يفحش ذلك منهم" انتهى بتمامه.
فهذا من ابن حبان توثيق للرجل، ودليل على قلة خطئه، لذا قال في مشاهير علماء الأمصار (١٤٨٤): "ربما وهم"، وهذا يعني أنه وقف له على أوهام قليلة معدودة، لا تخرج الرجل عن زمرة الثقات، يؤكد هذا المعنى ما قاله ابن عدي في كامله (٦/ ٤٥٤) عن معقل حيث يقول: "ومعقل هذا هو حسن الحديث، ولم أجد في أحاديثه حديثًا منكرًا فأذكره إلا حسب ما وجدت في حديث غيره ممن يصدق [ويغلط] في حديث أو حديثين".
فهو إذًا صدوق، إن لم نقل ثقة، كما قال أحمد وابن معين وابن المديني، إلا أنه لم يكن في الطبقة العليا، فقد كان ممن يخطئ، وانظر مثالًا على خطئه مما خالف فيه الثقات في العلل لابن أبي حاتم (١/ ٢٩١).
وحاصل ما تقدم أن معقل بن عبيد الله إذا لم يخالف غيره من الثقات ممن شاركه في رواية الحديث عن شيخه فروايته حينئذ صحيحة مقبولة محتج بها، وقد احتج به مسلم هنا كما ترى.
وهو معروف بالرواية عن أبي الزبير المكي، وإن كان جزريًّا، قال ابن عدي: "ولمعقل هذا عن أبي الزبير عن جابر نسخة يرويها عنه الحسن بن محمد بن أعين عن معقل"، فهي نسخة موثوقة صحيحة إلا ما ثبت فيه أنه خالف غيره من الثقات.
وهو هنا في هذا الحديث لم ينفرد بهذا الإسناد عن أبي الزبير كما يشير إليه كلام البزار، لكنه قد توبع عليه ممن يعتبر به، ويصلح في المتابعات.
فقد رواه ابن لهيعة قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، أن عمر بن الخطاب أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا توضأ لصلاة الظهر، فترك موضع ظفر على ظهر قدمه، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ارجع فأحسن وضوءك"، فرجع فتوضأ ثم صلى.
أخرجه ابن ماجه (٦٦٦)، وأبو عوانة (١/ ٢١٣/ ٦٩٣)، وأحمد (١/ ٢١ و ٢٣)، وابن الجوزي في التحقيق (١/ ١٥٦/١٦٤ و ١٥٧).