تنبيه: وقع في رواية ابن ماجه: فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وهي رواية شاذة تفرد بها زيد بن الحباب، أو تكون من تخليط ابن لهيعة، والله أعلم.
وهذا الحديث قد أعله أيضًا بعد البزار: ابن عمار الشهيد وأبو علي النيسابوري.
قال ابن حجر في النكت الظراف (٨/ ١٦ - بهامش التحفة): "وقد أعل بعض الحفاظ صحته، فقد نقل الدقاق الأصبهاني الحافظ عن أبي علي النيسابوري أن هذا الحديث مما عيب على مسلم إخراجه، وقال: الصواب: ما رواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: رأى عمر في يد رجل مثل موضع ظفر ... فذكره موقوفًا. قال أبو علي: هذا هو المحفوظ، وحديث معقل خطأ، لم يتابع عليه".
وقال ابن عمار الشهيد في العلل (٥): "ووجدت فيه من حديث ابن أعين، عن معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه ... ، وهذا الحديث إنما يعرف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ، وابن لهيعة لا يحتج به، وهو خطأ عندي؛ لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر فجعله من قول عمر".
قلت: هو صحيح ثابت من الوجهين مرفوعًا وموقوفًا، وكما بينا لم ينفرد به معقل عن أبي الزبير [وهو ثابت عن معقل]، بل تابعه ابن لهيعة، وهو صالح في المتابعات، فالحديث محفوظ عن أبي الزبير.
وعلى هذا فيكون الاختلاف قد وقع بين أبي الزبير، وأبي سفيان طلحة بن نافع، رفعه أبو الزبير، ووقفه أبو سفيان، وأبو الزبير أعلم بحديث جابر من أبي سفيان، وأكثر منه رواية عن جابر، وسماعه من جابر أكثر بكثير مما سمع أبو سفيان من جابر، فقد سمع طلحة بن نافع من جابر أربعة أحاديث فقط، والباقي صحيفة، وهي صحيفة سليمان بن قيس اليشكري التي أخذها أبو الزبير وأبو سفيان فرويا منها أحاديث جابر، وهي وجادة صحيحة، احتج بها مسلم وغيره.
وقد قال كل من: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي: "أبو الزبير أحب إلي من أبي سفيان"، فهو مقدم عليه في جابر [انظر: الجرح والتعديل (٨/ ٧٦)، التهذيب (٧/ ٤١٦)].
وعليه فإن رواية أبي سفيان الموقوفة لا تعل رواية أبي الزبير المرفوعة.
والصواب مع الإمام مسلم في تصحيح رواية أبي الزبير والاحتجاج بها، وأما البزار وابن عمار الشهيد وأبو علي النيسابوري فقد جانبهم الصواب في هذا.
والإمام الدارقطني أعلم بالعلل من هؤلاء الثلاثة؛ ومع هذا فلم ينتقد هذا الحديث فيما انتقده على مسلم في التتبع، مما يدل على موافقته له في تصحيحه، أو يكون داخلًا فيما عناه بقوله:"ولم يخرج البخاري لأبي الزبير شيئًا، وبقي على مسلم من تراجم أبي الزبير حديث كثير، ومن حديث الأعمش عن أبي سفيان أيضًا" [التتبع ص (٣٧٠)].