• وقد نبهني أحد الإخوة الفضلاء على ما ذكره ابن رجب في شرح العلل في إعلال هذا الحديث:
قال ابن رجب (٢/ ٧٩٣) فيمن ضُعِّفوا في بعض شيوخهم وهم ثقات: "ومنهم معقل بن عبيد الله الجزري: ثقة، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يشبه حديثه حديث ابن لهيعة.
ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء.
ومما أنكر على معقل بهذا الإسناد:
حديث: الذي توضأ وترك لمعة لم يصبها الماء.
وحديث: النهي عن ثمن السنور.
وقد خرجهما مسلم في صحيحه.
وكذلك حديث: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده". انتهى كلامه.
وقال في موضع آخر (٢/ ٨٦٦): "وظهر مصداق قول أحمد أن أحاديثه عن أبي الزبير مثل أحاديث ابن لهيعة سواء، كحديث اللمعة في الوضوء، وغيره.
وقد كانوا يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ على أن أحدهما أخذه عن صاحبه".
قلت: قول أحمد -إن ثبت عنه- لا يلزم منه إعلال أحاديث معقل عن أبي الزبير، على أنه أخذها عن ابن لهيعة ثم دلسها عنه، فإن معقلًا لا يعرف بتدليس، ولا يعرف بالرواية عن ابن لهيعة، وهو أقدم منه وفاة [توفي معقل سنة (١٦٦)، وتوفي ابن لهيعة سنة (١٧٤)].
وقد احتج مسلم بأحاديث معقل عن أبي الزبير عن جابر، فقد أخرج له في صحيحه بهذا الإسناد: سبعة عشر حديثًا (١٧)، بعضها في الأصول، وبعضها في المتابعات.
فمنها ما تفرد به معقل عن أبي الزبير، وليس هو من حديث ابن لهيعة [فيما وقفت عليه] مثل حديث: "الاستجمار تو، ورمي الجمار تو".
ومنها ما اختلف لفظه عن لفظ ابن لهيعة، مثل حديث "لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح"، وقد احتج به مسلم في بابه مع تفرد معقل به، هكذا رواه معقل، بينما رواه ابن لهيعة بعد حديثه عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا: "مثل المدينة كالكير ... " الحديث، ثم قال بعده: وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ولا يحل لأحد يحمل فيها صلاحًا لقتال" يعني: بالمدينة، وكذا فسره قتيبة، بينما حديث معقل صريح في مكة بدون قيد القتال.
ومن هذه الأحاديث ما تابعه عليها ابن لهيعة وحده، وعددها سبعة.
ومنها ما تابعه عليها جماعة، وفيهم ابن لهيعة، وعددها سبعة.