للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان إسماعيل بن أبي أويس كان قد أخرج أصوله للبخاري، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به، ليحدث به ويعرض عما سواه، قال ابن حجر: "وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه؛ لأنه كتب من أصوله" [التهذيب (١/ ١٥٧)، ترتيب المدارك (١/ ٢١٣)، هدي الساري (٣٩١)]، وذلك لأنه معارض برواية أحد الحفاظ المتقنين، فدل على وهم ابن أبي أويس فيما حدث به البخاري.

وهذا حديث غريب جدًّا؛ إذ لم يشتهر عن عبيد الله بن عمر العمري، ولا يُعرف من إلا من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وهو: ليس به بأس، لكنه كثير الغرائب؛ فأين أصحاب عبيد الله على كثرتهم، والله أعلم.

° إذا تبين ذلك، وهو ثبوت هذا الحديث في قصة صلاته - صلى الله عليه وسلم - في مسجد بني معاوية من حديث ابن عمر، فهذا مما يرجح كون حديث حذيفة من رواية علي بن عبد الرحمن المعاوي؛ وذلك من وجهين: الأول: أنه الأولى برواية هذه القصة، لما فيها من منقبة لقومه، والثاني: أن المعاوي معروف بالرواية عن ابن عمر، وقد سمع منه.

وحديث ابن عمر الصحيح لم يشتمل على موضع الشاهد مت حديث حذيفة، وهو قوله: فصلى الضحى ثماني ركعات، طوَّل فيهنَّ، وإنما اقتصر على ذكر الصلاة في مسجد بني معاوية، وأنه - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه ثلاثًا، أعطاه منها اثنتين ومنعه واحدة، وعليه: فإن حديث حذيفة: حديث شاذ؛ ولعل التبعة فيه تقع على حكيم بن حكيم عباد بن حنيف؛ فإنه كان حسن الحديث، ممن يهم في الرواية، وقال فيه ابن سعد: "كان قليل الحديث، ولا يحتجون بحديثه"، وحديث أخيه عثمان بن حكيم الآتي أولى من حديثه أيضًا، بل هو مخالف له؛ إذ لم يثبت فيه إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - مر بمسجد بني معاوية فدخل فركع فيه ركعتين، ثم ذكر الدعاء والمسألة، والله أعلم.

• نعم؛ قد ثبت من وجه آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ فيه إلا ركعتين:

فقد روى عبد الله بن نمير، ويعلى بن عبيد الطنافسي، ومروان بن معاوية الفزاري، وعلي بن مسهر، وعبد الواحد بن زياد [وهم ثقات]:

عن عثمان بن حكيم: أخبرني عامر بن سعد، عن أبيه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربه طويلًا، ثم انصرف إلينا، فقال - صلى الله عليه وسلم -:"سألت ربي ثلاثًا، فأعطاني ثنتين ومنعني واحدةً، سألت ربي: أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".

أخرجه مسلم (٢٨٩٠)، وأبو عوانة (٥/ ١٢٨/ ٥٠٥١ - إتحاف)، وابن خزيمة (٢/ ١٧٤/ ١٢٢٢)، وابن حبان (١٦/ ٢١٩/ ٧٢٣٧)، وأحمد (١/ ١٧٥ و ١٨١)، وابن أبي شيبة (٦/ ٢٩٥٠٩/٦٤) و (٦/ ٣١١/ ٣١٦٩٥)، والدورقي في مسند سعد (٣٩)، وابن شبة في تاريخ المدينة (١/ ٤٩/ ٢١١ و ٢١٢)، وابن أبي عاصم في الديات (٧٤)، والبزار (٣/

<<  <  ج: ص:  >  >>