مطلقًا، وإن دلت القرائن على وقوع الوهم في روايته، وعدم قبول رواية من كثر وهمه، وإن دلت القرائن على أنه حفظ.
ج- اطلاعهم على النسخ الحديثية أو الصحف أو الكتب الخاصة بحديث راوٍ معين، بحيث إذا لم يجدوا حديث الراوي في كتابه أو صحيفته دل ذلك على أنه ليس من حديثه، وأنه قد وهم عليه فيه من هو دونه، أو أنه أُدخل عليه، أو لُقِّنه، وليس من حديثه، ومثل هذا يصعب الوقوف عليه اليوم.
د- فقدان بعض أو كثير من النسخ الحديثية والمصنفات الكبار والصغار، والتي حوت كثيرًا من الطرق التي تعين على بيان وجه الصواب، ومن اطلع على علل الدارقطني مثلًا يعلم ذلك يقينًا.
هـ- كلما تأخر الزمان وامتد، كلما أصبح عندنا كمّ هائل من الأوهام والتصحيفات، الناشئة عن غفلة الراوة، أو قلة ضبطهم، أو عدم حفظ كتبهم عن أن يُدخل فيها ما ليس منها، أو انتقال البصر أثناء التحديث من الكتاب فيُدخل حديث في حديث ونحو ذلك، أو التغير والاختلاط بسبب الكبَر وغيره، أو التلقين، أو جمع الأسانيد المتعددة والتي روي بها متن واحد على لفظ واحد مع اختلاف ألفاظ الناقلين، أو سلوك الجادة والطريق السهل المشهور، أو من حمله التشهي على التحديث بحديث غيره ولم يسمعه، أو سرقة أحاديث الرواة، أو تفنن الواضعين في الوضع بطرق خفية، فما كان من هذا مما وقع في زمان الأئمة النقاد أو قبله؛ فإنهم بيَّنوه بيانًا شافيًا، وميَّزوا الصحيح من هذا كله، لكن يبقى قسم كبير مما وقع بعد زمانهم، فلم يدركوه، ولا شك أن كثيرًا مما نعانيه اليوم من مثل هذه الطرق المحدثة لم يكن موجودًا في أيامهم، بل وقع بعد عصرهم [انظر مثلًا: الحديث رقم (١٣٤) من السنن، حديث ابن عباس من الشواهد، الطريق الخامسة]، فيأتي بعد ذلك من يغتر بظاهر الإسناد، وصلاحيته للاحتجاج أو الاعتضاد، وما هو في الحقيقة إلا سراب بقيعة!.
• وقد عمدت إلى تخريج سنن أبي داود، وذلك لمكانته المعروفة بين كتب السنن، حتى عده بعضهم كتاب الأحكام الذي حوى معظم أحاديث الأحكام فلم يفته منها إلا اليسير، قال الخطابي في المعالم (١/ ٦ - ٨): "واعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف، لم يصنف في علم الدين كتاب مثله، وقد