للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنهار مثنى مثنى فقال: ومَن علي الأزدي حتى أقبل منه هذا! أدعُ يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر؛ أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا لا يفصل بينهن، وآخذ بحديث علي الأزدي؟ لو كان حديث علي الأزدي صحيحًا لم يخالفه ابن عمر، قال يحيى: وقد كان شعبة يتقي هذا الحديث، وربما لم يرفعه".

فإن مضر بن محمد بن خالد بن الوليد أبا محمد الأسدي القاضي البغدادي المقرئ؛ وإن كان ثقة في نفسه [سؤالات الحاكم (٢٣٣)، تاريخ بغداد (١٥/ ٣٦١ - ط. الغرب)، تاريخ دمشق (٥٨/ ٢٨٦) و (٦٢/ ٧٩)، تاريخ الإسلام (٦/ ٦٢٩ - ط. الغرب)، اللسان (٨/ ٨١)]؛ إلا أنه لم يكن من أصحاب ابن معين المكثرين عنه، ولا من أصحاب أحمد حتى يقارن بأبي بكر الأثرم وبأبي داود وهما من هما في الإمامة والحفظ، والمكانة من الإمام، وطول صحبته، والاعتناء بمسائله، ولعله وهم أو ظن أن أحمد يحتج بهذا الحديث على ما ذهب إليه؛ فأما ما نقله عن أحمد في فقه المسألة فصحيح، وأما دعواه بأن أحمد يحتج على ذلك بحديث الأزدي فهو عندي باطل، وفي كلام الأثرم وأبي داود السابق نقله ما يبين حجة أحمد في المسألة، بل إن الحجة التي نقلها مضر عن ابن معين في رد حديث الأزدي هي نفس الحجة التي استعملها أحمد في رد الحديث، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في موضع آخر (١٣/ ١٨٥): "وكان يحيى بن معين يخالف أحمد في حديث علي الأزدي، ويضعفه ولا يحتج به، ويذهب مذهب الكوفيين في هذه المسألة.

وأما ما نقله ابن رجب في الفتح (٦/ ١٩٢) عن أحمد بقوله: "وقال مرة: إسناده جيد، ونحن لا نتقيه"؛ فهو محتمل للتأويل أيضًا كما تقدم عن النسائي، والعمدة في نقل كلام أحمد في هذا الحديث ما نقله عنه أبو داود والأثرم.

• وهذا الحديث قد ذكره مالك في موطئه (١/ ١٧٦/ ٣١٣) بلاغًا عن ابن عمر، أنه كان يقول: صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين، وقال مالك: "وهو الأمر عندنا".

وأخرجه من طريقه: ابن المظفر في غرائب مالك (١٢٢).

• وقد سبق أن بينت أن البخاري قد أعل هذا الحديث في التاريخ الكبير (١/ ٢٨٥) وبين أن شعبة قد خولف في إسناده، وفي رفعه، خالفه هشيم.

فأعله بالمخالفة في الرفع، وفي الإسناد، وإنما يستدل البخاري على كون صلاة النهار مثنى مثنى من أدلة أخرى، وقد ساق ما صح في ذلك عن ابن عمر موقوفًا عليه، وبما روى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رواتب المكتوبات ركعتين ركعتين، وفعله في الصحيح يدل على ذلك [البخاري (١١٦٢ - ١١٦٧)]، وقد سقت كلامه في آخر هذا الباب.

ولو كان البخاري يصحح حديث الأزدي هذا لاحتج به في صحيحه، فقد بوب على موضوعه؛ فأعرض عن حديثه، فلم يخرجه، ولم يشر إليه، فلم يعلقه لا بصيغة الجزم ولا التمريض، فقال: "باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>