النبي - صلى الله عليه وسلم -:" صلاة الليل مثنى مثنى"، لم يذكروا النهار؛ فروايتهم هي الصواب، ورواية الأزدي وهمٌ.
الخامس: أنه قد ثبت: أن ابن عمر كان يصلي بالنهار أربعًا، فلو كان ابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة النهار مثنى مثنى"، لم يكن ليخالف ذلك فيصلي بالنهار أربعًا.
قال أحمد:"فيه توهين لحديث يعلى بن عطاء، لأنه ينكَر أن يكون حفظ ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، ثم يصلي بالنهار أربعًا" [وانظر: رد البيهقي في الخلافيات (٢/ ٢٨٨ - مختصره)].
السادس: أنه قد روي من وجه آخر صحيح عن عبد الله بن عمر قوله موقوفًا عليه: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، لا يرفعه.
وبمجموع ذلك: نجزم بأن حديث علي الأزدي عن ابن عمر مرفوعًا: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى": حديث شاذ، والله أعلم.
° وعلي بن عبد الله الأزدي البارقي: روى عنه جماعة من الثقات، وروى له مسلم حديثًا في الدعاء، ونقل ابن خلفون عن العجلي توثيقه، وقال فيه ابن عدي بعد أن روى له ثلاثة أحاديث:"وليس لعلي البارقي الأزدي كثير حديث، وهو عندي لا بأس به"، وقد صدر ترجمته بقول شعبة في حديثه هذا [التهذيب (٣/ ١٨٠)، الكامل (٥/ ١٨٠)(٨/ ٧٧ - ط. الرشد)]؛ فلا يحتمل من مثله مخالفة هذا الجمع الكبير من أصحاب ابن عمر.
• فإن قيل: فما تقول في قول ابن عبد البر في التمهيد (١٣/ ١٨٨): "روى سالم ونافع وعبد الله بن دينار وأبو سلمة وطاووس وعبد الله بن شقيق ومحمد بن سيرين كلهم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى" لم يذكروا: النهار، وروى يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر؛ أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا لا يفصل بينهن، ... وهذا خلاف ما ذكر مالك أنه بلغه عنه، ومالك لا يروي إلا عن ثقة، وبلاغاته إذا تفقدت لم توجد إلا صحاحًا، فحصل [كذا] ابن عمر مختلفًا عنه في فعله وفي حديثه المرفوع، إلا أن حمل المرفوع من حديثه الذي فيه الحجة على أنه خرج على جواب السائل؛ بدليل رواية الأزدي عنه: كان مذهبًا حسنًا، وعليه أكثر فقهاء الحجاز، وأكثر أهل الحديث، وبالله التوفيق".
وقال في موضع آخر (١٣/ ٢٤٥): "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى" كلام خرج على جواب السائل، كأنه قال له: يا رسول الله! كيف نصلي بالليل؟ فقال: "مثنى مثنى"، ولو قال له: وبالنهار؟ جاز أن يقول كذلك: أيضًا مثنى مثنى، وما خرج على جواب السائل فليس فيه دليل على ما عداه وسكت عنه؛ لأنه جائز أن يكون مثله، وجائز أن يكون بخلافه، وهذا أصل عظيم من أصول الفقه، فصلاة النهار موقوفة على دلائلها" [وانظر أيضًا: الاستذكار (٢/ ١٠٨)].
قلت: نعم؛ الأولى متابعة السنة القولية والفعلية الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ أن صلاة الليل