قلت: فلعل رواية الأثرم كان فيها: "عن خالد بن معدان: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -" فيه يصح الحديث، وإلا فإن خالد بن معدان: كثير الإرسال، وقد سمع جماعة من الصحابة.
وقال ابن عبد الهادي في شرح العلل (١٠٨): "وجهالة الصحابة لا تضر، وإسناد هذا الحديث جيد، وراوية بقية عن بحير صحيحة، سواء صرح بالتحديث أم لا، مع أنه قد صرح في هذا الحديث بالتحديث".
• وبهذا الحديث يحتج على عدم جواز تفرقة الوضوء ووجوب الموالاة لأمره - صلى الله عليه وسلم - الرجل بإعادة الوضوء والصلاة، وهذا محمول على طول الفصل عرفًا، ويحتمل الجفاف.
وأما قول النووي في المجموع (١/ ٤٨١) بأن: "حديث خالد ... ضعيف الإسناد، وحديث عمر: لا دلالة له فيه، والأثر عن عمر روايتان: إحداهما للاستحباب، والأخرى للجواز".
فيجاب عنه: بأن حديث خالد بن معدان: جوّد إسناده الإمام أحمد، وكفى به حجة في الحكم عليه، فقد أغنانا عن البحث والنظر والتفتيش.
وأما حديث عمر: "ارجع فأحسن وضوءك" وأثره الصحيح: "اغسل ما تركت من قدمك"، فيحملان على فتواه الصحيحة بالأمر بإعادة الوضوء.
وأيًّا كان فإنه طالما ثبت لدينا الحديث مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بإعادة الوضوء؛ وجب العمل بما دل عليه من وجوب الموالاة، واطراح ما عدا ذلك.
• واحتج من قال بتفريق الوضوء بفعل ابن عمر الثابت عنه: الذي رواه مالك، عن نافع: أن ابن عمر بال في السوق، ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه، ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد، فمسح على خفيه، ثم صلى عليها.
وفي رواية: فمسح على خفيه بعد ما جف وضوؤه وصلى.
رواه مالك في الموطأ (١/ ٧٨/ ٨١)، وعنه: الشافعي في الأم (١/ ٣١)، والمسند (١٦)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (١/ ٤٢١/ ٤٣١)، والبيهقي في السنن (١/ ٨٤)، وفي المعرفة (١/ ١٨٢/ ٩٩)، وفي الخلافيات (٢٦٥)، وابن حجر في التغليق (٢/ ١٥٧).
وإسناده صحيح كالشمس مسلسل بالأئمة، وصححه ابن المنذر والبيهقي وابن حجر.
ولكنا في مثل هذا نتأول فعل الصحابي، ولا نتأول له حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
راجع: فتح الباري لابن رجب (١/ ٢٨٩)، فتح الباري لابن حجر (١/ ٤٤٦)، الأوسط لابن المنذر (١/ ٤٢٠)، الدراية (١/ ٢٩)، التلخيص (١/ ١٦٥)، الكافي الشافي (١/ ٥٩٩).
• هذا حكم تفريق الوضوء أنه لا يجوز، والواجب الموالاة، فإن طال الفصل عرفًا وجب الاستئناف.
وأما تفريق الغسل: فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى عند الحديث رقم (٢٥٦).
***